15 سبتمبر 2025
تسجيلفي البداية أحب أن أهنئ جميع القراء بعيد الأضحى المبارك الذي انتهى قبل أيام أعاده المولى عز وجل علينا بالرحمة والمغفرة والعافية والصحة والسلامة "وعيدكم مبارك يا أهل البيت"، وبما أننا في أيام مباركة وأيام فرح وسرور، رأيت أن يكون مقال هذا الأسبوع "فانتازياً" خفيفاً ومرحاً قدر المستطاع، فهلم نتابع قصة بطل هذه القصة بوراشد والذي لا يتغير اسمه وإنما تتغير شخصياته. في يوم ما وبمكان ما على هذه الأرض الرحبة والعالم الكبير، كان بوراشد متوجها إلى منزله بعد أن قضى أمسية سعيدة مع أصدقائه المقربين في أحد المجالس العامرة، وفجأة ودون سابق إنذار وأثناء قيادته لسيارته يرن هاتفه المحمول، فيلقي نظرة خاطفة على شاشة هاتفه المعلق أمامه فإذا برقم غير مسجل في سجل أرقام الهاتف، فيتجاهله لأنه رجل مهم ولا يرد إلا على من يعرفه، ولكن المتصل استمر في معاودة الاتصال أكثر من مرة مما حدا ببوراشد إلى التوقف على جانب الطريق والرد على المتصل. قال بوراشد "مرحبا من معاي"، رد المتصل "السلام عليكم، أدري انك ماعرفت رقمي فقلت خلني اعور راسك لين ترد"، تعرف بوراشد على صوت المتصل فهو صديق قديم من أيام الطفولة والدراسة، فقال بوراشد "يا مرحبا يا بوفيصل، حي ذا الصوت والله، وينك يا خوي من زمان ما كلمتنا ولا شفناك"، قال بوفيصل "الله يحيك ويبقيك، مشاغل وانت ادرى بالمسؤوليات اللي متوليها، المهم خل عنك سوالف التشره (اللوم والعتاب) وزهب نفسك"، تفاجأ بوراشد من كلمة (زهب نفسك) فهي عادة تعني الاستعداد لأمر ما، وعندما تأتي من رجل في مكانة بوفيصل فوراء هذه الكلمة ما وراءها، قال بوراشد "حاضرين طال عمرك انت تامر واحنا نطامر (أي القفز أو الوثب، بمعنى على أهبة الاستعداد)، خير إن شاء الله يا بوفيصل"، سكت بوفيصل لثوانٍ وكأنه يريد أن يزيد الغموض والتوتر لدى بوراشد ثم قال "ابشرك انه خير ان شاء الله، بس اسمعني عدل ونفذ اللي بقوله لك ولا تقاطعني لين اخلص كلامي، فيه وزارة جديد بيتم انشائها واخذوا رأيي في من هو مؤهل انه يمسكها وانا رشحتك لتولي منصب الوزير، الآن اذا اتصلوا فيك او ارسلوا لك حد يكلمك في الموضوع تحمل (أي اياك) ترفض، وقول ان شاء الله وانا جاهز لخدمة الوطن وبس، ولا تكثر كلام، وانا متاكد انك كفوا لهل المنصب". سكت بوفيصل وكأنه ينتظر رد بوراشد الذي كما يقول إخواننا المصريون "القطة أكلت لسانه" فقد عجز عن الكلام للحظات، ثم قال "ابشر طال عمرك وانا تحت الامر لكن ياخوي شنهي هذي الوزارة او شنهي طبيعة عملها أخاف تخصصها ما افهم فيه واتوهق"، رد بوفيصل "انا ما أدري لأنهم اسئلوني عن مواصفات الشخص اللي بيمسك الوزارة وانا بصراحة اشوف ان كل المواصفات متوفرة فيك، على العموم هم لهم نظره أيضا اذا انت مب مؤهل ما راح يعرضون عليك المنصب، المهم خلك طبيعي ولا تقول لحد ترى الموضوع مجرد انهم استشاروني وانا رشحتك، فخل علمك في بطنك (أي لا تتحدث بالأمر) لين تصير الأمور رسمية". انتهت المحادثة بين بوراشد وبوفيصل، وتوجه بوراشد إلى منزله وهو بين الفرح والقلق والخوف، فمن جهة فالأمر إن تم فهو شيء سعيد ومفرح بأن يتم اختياره ليتولى منصب وزير في الدولة، حيث الامتيازات والمكانة الاجتماعية، ولكن من جهة أخرى هناك أعباء المنصب من واجبات ومسؤوليات تحقيق أهداف الوزارة الجديدة التي لا يعلم أي شيء عن أهدافها وطبيعة عملها حتى الآن. وصل بوراشد منزله وأوى لفراشه لعله يستطيع أن ينام، ولكن هيهات أن يغمض له جفن، فزوابع الأفكار بما قد يحدث تعصف برأسه وتشغل باله وتؤرق منامه، فمرت عليه تلك الليلة وهو بين مراقبة الهاتف وبين محاولة النوم. ولكن ما هي الوزارة الجديدة وما طبيعة عملها، وهل بالفعل تولى بوراشد منصب الوزير لهذه الوزارة؟، أم أنه فقط عاش حلما جميلا وقاسيا في نفس الوقت، جميع هذه التساؤلات سنعرف إجابتها في المقال القادم بإذن الله تعالى إن أمد الله بأعمارنا.