10 سبتمبر 2025
تسجيلبالنظر إلى معطيات اليوم في العصر الحديث، لا سيما في المنطقة العربية هل يمكن إنشاء قناة عربية إخبارية يمكن أن تصل لمستوى قناة الجزيرة أو تكون منافسة لها؟، فالأمر لا يمكن أن يكون مجرد نقل الأخبار وإذاعتها أو ملاحقتها من مصادرها لتكون قناة ناجحة فهذا ما تفعله معظم القنوات التي امتلأت بها شاشاتنا العربية، وحاولت أن تضفي على ملامح قنواتها قاعدة الرأي والرأي الآخر، وهي القاعدة التي تسير عليها قناة الجزيرة منذ انطلاقها في عام 1996 من القرن الماضي، ولكن هل استطاعت أي قناة أن ترتقي لتكون منافسة حقيقية للجزيرة التي تزداد كل عام رفعة وتطوراً وجماهيرية وشعبية بفضل السياسة التي تقوم عليها وزادتها نماء مرحلة عقب مرحلة؟. والحقيقة أن كثيراً من القنوات انطلق أثيرها بعد الجزيرة بسنوات وأعلنت عن نفسها أنها حلم الأجيال الجديدة في المنطقة العربية والباحثة فعلا عن الحقيقة والمصداقية وأنها تعد منبر رأي لا يدخل فيه مشرط الرقابة، ولكن وقفت هذه القنوات عند حدود ما كان لها أن تجتازها بعد الجزيرة، ورأينا المستوى الذي وقفت على عتبته دون أن تستطيع تجاوزه لأعلى منه، ولذا يسأل كثيرون ما السر وراء محافظة هذه القناة على المستوى الإخباري المميز وتطويره فترة بعد فترة دون أن يقل ولو سنتمترا واحدا عنه؟، البعض يعزو السبب إلى أن الجزيرة تمتلك قاعدة معلومات ثرية جداً، وأن تقاريرها الإخبارية تقوم على الإرهاصات الأولى للأحداث التي تنشأ في كل بلد على اختلاف هويته الجغرافية وفرق إعداد متمرسة تستقي الخبر من مصادره وليس من أطرافه التي عادة ما تكون هشة وبالية، بينما يرى آخرون أن الأموال التي تدفقت من أجل إنشاء قناة عربية متفردة ومتميزة بهذا الشكل كانت عبارة عن خزانة دولة، بمعنى أن دراسة الجدوى لها كانت مفتوحة وبلا حدود ولذا قامت قناة باستوديوهاتها ومرافقها بهذه الصورة التي بدأت بها ووصلت إليها، لكن المشاهدين العرب ممن استيقظوا يوماً في منتصف مرحلة التسعينيات على كرة ملتهبة تسقط في عمق البحر وتغوص فيه ثم تخرج على هيئة كلمة الجزيرة في إشارة إلى السياسة التي تقوم عليها القناة في سبر أعماق الخبر والخروج به بشكل متفرد ومتميز هي ما يجب أن يراها المشاهد أولا هم أنفسهم من توقعوا ماذا تعني هذه القناة وكيف ستطوي مرحلة تقليدية من نشرات الأخبار والإعلان عن الخبر بصورة روتينية إلى ما يمكن أن يمثل ثورة في المعتقد العربي المنغلق حول كيفية تلقي الأخبار ومشاهدتها أو حتى سماعها. ولذا مثلت الجزيرة منذ دقائقها الأولى ثورة تكنولوجية ليست من خلال الإبهار في الإخراج أو ما شابه، والذي كان جديدا آنذاك ولكن الثورة تجلت في عمق وقيمة الخبر المعلن عنه من حيث الصياغة وكشف جوانب ما كانت لتقال قديما لتصبح الجزيرة أول من يكشف عن الخبر وتُطلع جمهورها عن ماضيه وأسبابه ودواعيه وما تداعى منه وما تجلى، ولذا بحثت الشعوب العربية عمن يعطيها الخبر من مصدره وليس ممن انتقى النص ونقهه واصطفى منه ما يمكن أن يذاع وأهمل ما لا يمكن أن يقال على الهواء مباشرة ويمثل صدمة للجمهور الذي لم يعتد الكشف عن بواطن الأمور حتى جاءت الجزيرة فكشفت عن بواطن الأخبار وظواهرها وخاطبت الشعوب بما يجب أن تُعامل به ولم تستغفلها أو تحاول خداعها بما تفعل بعض القنوات اليوم التي حلم أصحابها يوما أنهم قادرون على تحطيم مسار قناة الجزيرة وتجاوزها للمقدمة فإذا هم يسيرون خلفها، حيث يجب أن يتوقفوا ويتعثروا في حين تظل قناة الجزيرة تتسيد غرف الأخبار والمصادر والأهم قلوب وثقة الشعوب. [email protected] @ebtesam777