16 سبتمبر 2025
تسجيلالذي أعتقده ان المسلمين اليوم بحاجة الى اظهار الجانب الاجتماعي للاسلام اكثر من اي جوانب اخرى عَقَدية، كلنا يدرك كيف انتشر الاسلام في بقاع الارض البعيدة نتيجة لاتصال المسلمين وتجارتهم وسلوكياتهم بشعوب تلك المناطق، كل عقيدة كانت هي بالضرورة تحمل جانبا اجتماعيا وبلا شك هو اقوى الجوانب التأثيرية فيها، سمعنا كثيرا من القصص لأناس دخلوا الاسلام وانصدموا عندما رأوا سلوكيات المسلمين بعد ذلك. اعتناق العقيدة دون بعدها الاجتماعي الانساني يجعل منها بؤرة طاردة، كثير من المتشددين اليوم يطالبون بالسماح بإنشاء احزاب دينية اسلامية في عالمنا العربي والاسلامي والحالة على ما هي عليه، ويضربون امثالا بأحزاب اوروبا المسيحية ويتغافلون او يجهلون ان الدين المسيحي منذ الاصلاح الديني في القرن الثامن عشر قد فصل بين السياسة والدين، وان سبب بقاء الاسماء الدينية لهذه الاحزاب هو البعد الاجتماعي بمعنى ان بنيتها اجتماعية وليست عقدية، كما انه تاريخيا كان لمحاربة الشيوعية دور في اضفاء الاسم الديني عليها ولكنها في الاساس علمانية، فاختزال البعض للنتيجة ومطالبته بالمماثلة مع الغرب جهل مركب. لقد اجاز الحزب المسيحي الايطالي الطلاق في اوائل السبعينيات، كما اجاز الاجهاض بعد ذلك، وهو على بعد امتار من الفاتيكان ويحمل اسم المسيح وايطاليا الدولة المسيحية الكاثوليكية الاولى في العالم. فأحزاب اوروبا المسيحية اليوم اجتماعية البنية تاريخية المسمى نظرا لدور الكنيسة التاريخي في محاربة ما يهتك الدين من آفات، لذلك تجد اسماءها مركبة من المسيحية التاريخية والديمقراطية المنجزة. فلو تخيلنا افتراضا قيام حزب اسلامي ديمقراطي في احدى دولنا العربية فأين حظه من اسمه، الاسلام لا يزال اصحابه يفعلون به الرزايا بينهم، بل وتحول الى ثنائيات سنة وشيعة نواصب وروافض، والعقائد تتكور داخل النفوس لتتحول الى قنابل ومتفجرات بل ان هناك عدة اصناف منه، اسلام معتدل واخر متطرف واخر وسطي، وكلها تتعارك لو تكونت كاتجاهات يقبل بعضها الاخر لسهل الامر الى اخر هذه الانشقاقات التي لم يضمد جراحها لا التاريخ ولا الزمن، اما الديمقراطية فحدث ولا حرج، ليس لنا منها سوى اسمها المبتذل. لو رفعنا العقائد الى مكانها الطبيعي وتخلصنا من الوصاية على الدين وركزنا على ما يدعونا اليه الدين من جانب اجتماعي وانساني لأمكن التكهن او التخيل بإمكانية قيام احزاب دينية اجتماعيا وليس على اساس ديني عقدي، لأن خطورة تعريض العقيدة للصواب والخطأ سياسيا قد يخرجها من نطاق اليقين الا في حالة اعتماد برنامج سياسي يترجم مراميها واهدافها فيصبح التركيز على التطبيق وليس النص. التقدم في هذا المجال مرهون بفهم حقيقي لمهمة الدين في هذه الحياة ومركزية الانسان كإنسان اولا قبل ان يعتنق أي دين كان، وهو دور اجتماعي انساني في الدرجة الاولى. فعوده الى ملف الاصلاح السياسي والديني ولا اقصد مماثلة التجربة الغربية ولكن لابد من عملية اصلاح برائحة هذا الوطن الكبير وبسواعد ابنائه والغيورين قبل كل شيء على انسانه الذي لم يعد يعرف الا بثنائية الثراء والتخلف وبأنه عالة على الامم الاخرى.