19 سبتمبر 2025
تسجيلحينما زار النادي الإسماعيلي المصري قطر بعد هزيمة 67 ليلعب مباراة مع المنتخب القطري يُرصد ريعها لصالح المجهود الحربي وإزالة آثار العدوان، ضمن حملة مجتمعية كبيرة شارك فيها جميع أطياف الشعب المصري، ومن ضمنها جولة السيدة أم كلثوم لإحياء حفلات لصالح المجهود الحربي واستعداداً لإزالة آثار العدوان. خرج جميع المجتمع القطري إلى استاد الدوحة للترحيب به ولحضور المباراة المرتقبة بينه وبين المنتخب الوطني القطري، الذي كان في أوج نجومه من أمثال خالد وطالب بلان ومبارك وليد وسلمان خليفة ومحمد غانم وغيرهم، وكان الإسماعيلي كذلك في عنفوان قوته، حيث ضم أبوجريشة وسيد بازوكا وحودة وريعو، أذكر التزاحم على البوابة الغربية الصغيرة، وأذكر كذلك أننا أنا وزميلي رحمه الله لم نكن نملك سوى عشرة ريالات نقد قطر ودبي على ما أعتقد، بمعنى أن يدخل أحدنا فقط لحضور المباراة، وكنت أنا الفائز بهذا الخيار وبعد زحام مطبق نفذت من البوابة لأجد صديقي بعد عشر دقائق قادماً من فوق الجدار، حيث تسلق عمود الكهرباء المجاور لجدار الاستاد، فرصة لا تعوض لابد من الحضور إنه يمثل "مصر" وما أدراك ما مصر في ذلك الوقت رغم الهزيمة، إلا أن مشاعر النصر والكرامة كانت فوق الهزيمة والانكسار، حصل شيء عجيب وبمعايير الدولة القُطرية والنزعة الطائفية والعرقية السائدة اليوم في مجتمعنا العربي قاطبة اليوم يعتبر "خيانة" وهو تشجيع الجماهير القطرية عن بكرة أبيها للنادي الإسماعيلي على حساب المنتخب الوطني القطري الذي يلعب على أرضه وافتراضاً بين جماهيره، لكن لأن الشعور العربي كان أكبر من الشعور القُطري الضيق، ولأن الصراع كان عربياً –إسرائيلياً وليس مذهبياً وطائفياً، ولأن الوجود كان وجود الأمة وليس الطائفة، كان ذلك أمراً طبيعياً ومطلوبا، لعب الفريق الإسماعيلي بين جماهيره وكأنه في مدينته الإسماعيلية وتسمع الصيحات، ولعب فريقنا القومي ذو الأسماء الكبيرة في تاريخ الكرة القطرية ضد صيحات الجماهير المثبطة له ولكنه يعايش الشعور العام، لعب وكأنه يؤدي رسالة للأمة وهي تشجيع وإبراز مهارة الفريق الإسماعيلي والروح المصرية والعربية بشكل عام، ما زلت أذكر صيحات "قنبلة يابازوكا" أبوجريشة يا هندسة، أستر ياستار "عبدالستار حارس مرمى الإسماعيلي"، في حين لا تسمع تشجيعاً لمنتخبنا الوطني "الدولة الوطنية في مقابل الدولة القومية"، مشاعر مزدحمة أخرجت الشارع القطري بأكمله لحضور مباراة الفريق المصري الضيف، شعور شديد بواجب المشاركة في تعزيز الروح الوطنية للشعب المصري، كان الفريق الإسماعيلي في وعىَ الجماهير يمثل الأمة وليس مصر، رأيت المسنين إلى جانب الشباب يتكدسون أمام أبواب استاد الدوحة وبعضهم لا يعرف عن الإسماعيلي شيئاً ولا حتى عن كرة القدم، كان يوماً تاريخياً من أيام الرياضة في قطر، شهدناه ونحن صغار، ولكننا كنا نملك شعوراً كبيراً، كانت الأمة كبيرة وكل فرد منها يحملها في داخله، نحن اليوم نكبر كدول ونصغرُ كأمة، كان شعوراً جميلاً لا يعرف الهزيمة لا يعرف سوى أن الكرامة فوق كل هزيمة وانكسار. [email protected]