14 سبتمبر 2025

تسجيل

مشاريع الشراكة وهيكلة الاقتصاديات الخليجية

17 يوليو 2018

قبل أيام نشرت الجمعية الاقتصادية الكويتية دراسة اقتصادية متخصصة تناولت أهمية تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال مشروعات الطاقة باعتبارها ضرورة لتعزيز نمو الاقتصاد المحلي، مشيرة إلى أن دعم الحكومة الكويتية لقطاع الطاقة بلغ نحو 5ر4 ملیار دولار وبنسبة 62 في المائة في عام 2016. وبينت ان اللجوء إلى تنفيذ مشاريع الطاقة من خلال الشراكة بين القطاعين من شأنه أن یخفف عبء موازنة الإنفاق العام ویحفز المستهلك على استغلال الطاقة بطریقة أكثر كفاءة، خاصة ان القطاع الخاص بات أكثر رغبة في الدخول في هذه المشاريع بعد تخفيض الدعم المقدم للطاقة. وتشير العديد من الإحصائيات والتقارير الدولية إلى إن دول التعاون تعتزم إنفاق نحو نصف تريليون دولار خلال السنوات الخمس القادمة على برامج استثمار وطنية، حيث تهدف هذه الخطط إلى تقليل الاعتماد على النفط والغاز وتنويع الاقتصاد. وسيجري إنفاق الجزء الأكبر من هذه المبالغ على البنية التحتية والخدمات العامة كالصحة والتعليم. وباتت هذه الدول تستهدف بصورة أكبر ربط هذا الإنفاق بإعادة هيكلة اقتصادياتها من خلال إشراك القطاع الخاص في تنفيذها، حيث تبرز مشاريع الشراكة كأحد البدائل المفضلة في إعادة الهيكلة هذه. وفي إمكان مشاريع الشراكات عند تطبيقها بطريقة دقيقة ومستهدفة أن توفر لبلدان المجلس طريقة فاعلة لتعزيز لهيكلة اقتصادياتها وتخفيف أعباء الإنفاق العام وأن تستقطب أموال وخبرات القطاع الخاص، مع توزيع مخاطر المشاريع بفاعلية بين الشركاء وأن تضمن الفاعلية والسرعة والشفافية في تقديم الخدمات أو البنية التحتية الحيوية. لكن على ضوء التجارب العالمية مطلوب أيضا الولوج إلى هذه الشراكات من خلال آليات تتسم بالشفافية والحوكمة والتشريعات الملائمة. والأهم من ذلك أنه سيكون على دول التعاون وضع خطة مفصلة متعددة لتحديد القطاعات والمشاريع الملائمة للشراكة بين القطاعين العام والخاص وأولوياتها، وسيكون على الحكومات بناء قدرات التخطيط والإشراف الخاص بها. كما أن مثل هذه الشراكات تتطلب توفير مستلزمات قانونية وحوكمية وإشرافية متطورة. فهذه الشراكات تنطوي على هياكل قانونية معقدة على غرار إعادة الأصول إلى الدولة، وهي هياكل غير متوافرة في القوانين الحالية. كذلك بالنسبة لأطر الحوكمة التي تكفل مراقبة مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. فالحوكمة شأنها بذلك شأن التشريع تهدف إلى تحقيق العدالة والتوازن للحكومة ولموردي القطاع الخاص على السواء، وبإمكان الهيئات المنظمة المستقلة أن توفر حوكمة متماسكة تبعد عنها شبهات التلاعب والفساد. كما يمكن أن تغطي أطر الحوكمة قطاعات محددة أو جميع الشراكات دون استثناء بحيث تراقب الأداء الشامل، بما في ذلك التعرفات والجودة. أما بالنسبة للأطر الإشرافية فهي تهدف إلى الإشراف على مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص بصورة يومية. وعلى الرغم من أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص عبارة عن اتفاقات طويلة الأمد، فإنها ما زالت تحتاج لعمل الحكومة والقطاع الخاص على المحافظة على التواصل المنتظم. وفي حال تنفيذ هذه الشراكات بالصورة السليمة وتوفير المستلزمات الضرورية لها فان ذلك من شأنه تحقيق العديد من الفوائد المالية من خلال توفير الأموال العامة لاستخدامها في أغراض أخرى. وكذلك تقليل المخاطر من خلال المساعدة على تحديد المخاطر المرتبطة بكل مشروع وتعيين الجهة الأقدر على مواجهتها. كذلك الفوائد الاقتصادية من خلال زيادة سرعة تقديم الخدمات وتحسين نطاق تغطيتها وجودتها. علاوة على الفوائد الاجتماعية، حيث تُحَسن الشراكات بين القطاعين العام والخاص من مستوى تغطية الخدمة وجودتها وتوقيتاتها.