31 أكتوبر 2025

تسجيل

مشاركة القطاع الخاص

17 يوليو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ارتبطت مسيرة القطاع الخاص الخليجي ارتباطا وثيقا بمسيرة التنمية الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، فهو علاوة على مساهمته في كافة الأنشطة غير النفطية التي تبلغ حصتها نحو 60% من الناتج المحلي الخليجي، فهو يعتبر المشغل الرئيسي للعمالة الوطنية، كما أنه يسهم بنحو الثلث في تكوين الاستثمار العام. وتتعاظم اليوم التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة وتراجع الإيرادات النفطية، لذلك شهدنا جملة من الإجراءات الاقتصادية الخليجية ذات الأبعاد القصيرة والبعيدة المدى، ففي المدى القصير تركزت تلك الإجراءات على إعادة هيكلة دعم الطاقة والمحروقات والمواد الغذائية، علاوة على فرض بعض الرسوم على الخدمات الحكومية وعلى المقيمين في دول المجلس. أما في المديين المتوسط والبعيد فالحديث يجري عن فرض الضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة وتعزيز جهود تنويع مصادر الدخل من خلال الاعتماد بصورة أكبر على أموال القطاع الخاص.وعلى صعيد تعزيز دور القطاع الخاص على مستوى التكامل الاقتصادي الخليجي، فإن الحل يكمن في تفعيل ما طرحته القمة الخليجية الأخيرة في الرياض بشأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص والعزم على التفعيل التام للاتحاد الجمركي الموحد والسوق الخليجية المشتركة مع تذليل العقبات التي تواجهه في مجال التجارة البينية والمشاريع المشتركة وحرية الاستثمار وغيرها. والقطاع الخاص من جهته عليه أن يواصل جهوده من أجل تفعيل شراكته مع الجهات الرسمية الخليجية وتعزيز دوره في صياغة السياسات والتوجهات الاقتصادية ذات الصلة بمتطلبات القطاع الخاص في ضوء تلك المستجدات للقيام بدوره على أكمل وجه ومد جسور الاتصال مع الجهات الرسمية وفق أطر مؤسسية ثابتة وواضحة، بالإضافة إلى تعميق درجة اندماج القطاع الخاص الخليجي في الاقتصاد العالمي وتمثيله عربيًا وإقليميًا ودوليًا، وذلك بالتعريف بالبيئة الاقتصادية المحلية من حيث المقومات والحوافز والسياسات لإعطاء صورة واقعية عن طبيعة التقدم الاقتصادي الذي حققته دول المجلس وتحسين فرص التعاون المشترك للقطاع الخاص مع نظرائهم في الدول والمجموعات الاقتصادية الأخرى. وعلى المستوى الوطني في كل دولة خليجية، فإن تعزيز مشاركة القطاع الخاص في مشاريع التنمية ولاسيَّما مشاريع البنية الأساسية، لابد أن ينصرف إلى إيجاد صيغة توفيقية ما بين ماضي أساسيات تلك المشاركة وحاضر ومستقبل هذه الأساسيات. فمن المتعارف عليه أن خدمات جميع المرافق الحيوية بدول المنطقة كان يتم تقديمها بأسعار رمزية للمواطنين حيث تتحمل الأجهزة الحكومية نفسها أعباء النفقات الحقيقية لهذه المرافق. وطالما أن هذا الأسلوب لن يكون مجديا عندما يتم البحث في تحويل ملكية هذه المرافق إلى القطاع الخاص، فقد يرد إلى الذهن أن الصيغة البديلة هو اللجوء إلى زيادة أسعار رسوم خدمات هذه المرافق، أي الجانب الثاني من جهود التطوير. إلا أننا نعتقد أنه بدلا من الحديث بصورة مباشرة عن هذه الزيادات، فإن الحديث يجب أن يتركز على صيغة بديلة أخرى وهي ما يمكن تسميتها بالمشاركة الاجتماعية التي تركز بدورها على عطاء العنصر البشري بدول المجلس. ومفهوم المشاركة الاجتماعية ينطوي على العديد من الجوانب الثقافية والقيم الحضارية إلى جانب ما ينطوي عليه من جوانب مادية ومالية تشكل بمجموعها مفهوم جديد للتنمية خلاف لما قد يتم الترويج له في العديد من أدبيات المؤسسات الدولية في الوقت الحاضر.إن تقييس جهود التنمية بدول مجلس التعاون الخليجي بضوء ما تحقق على صعيد المشاركة الاجتماعية القائمة بدورها على التنمية البشرية يعد موضوع بالغة الأهمية والحيوية لهذه الدول بشكل خاص. والخصوصية تكمن هنا في أن هذه الدول قد توفر لها من الموارد المالية خلال مرحلة السبعينيات والثمانينيات ما مكنها من تحقيق معدلات نمو كبيرة في مجال تحديث البنى المادية والخدمات الاجتماعية، وقد فاقت هذه المعدلات بشكل ملحوظ - إن لم نقل كبيرا - معدلات التنمية البشرية. ونعني بهذه التنمية هنا تحديدا دمج المعارف والإنجازات الاقتصادية المتحققة بالبيئة المحلية (مناهج التعليم ومعاهد التدريب والكليات التقنية وأجهزة اقتصادية توجيهية واستشارية) وتمكين العنصر البشري من امتلاك هذه المعارف والإنجازات وتحويلها إلى معارف وإنجازات وطنية (بمفهوم تملك المعارف والتقنيات الملازمة لها والناجمة عنها من قبل أجيال متعاقبة) وبالتالي أيضا ضمان تطويرها والبناء عليها في جهود إبداعية وتطويرية مما يجسد مفهوم المشاركة الاجتماعية الذي نشير إليه.إن إعادة صياغة برامج التنمية الاقتصادية من خلال توسيع مشاركة القطاع الخاص من جهة وتعظيم دور التنمية البشرية الوطنية بما يؤمن تنمية مستدامة حقيقية ومشاركة اجتماعية أوسع من جهة أخرى يمثلان معا مدخلا رئيسيا لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.