12 سبتمبر 2025
تسجيلس: — أنا تاجر بقالة وفي شهر رمضان يأتي إلي ناس مفطرون لشراء بعض المأكولات والعصائر فهل يحرم على البيع لهم أو لا؟. ج: — الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد أولا: البيع والشراء للأطعمة والعصائر وسائر أصناف المواد الغذائية نهار رمضان لا بأس به كسائر المناشط الحياتية، والحركة اليومية لطبيعة الحياة ومتطلباتها، لعموم قوله تعالى: "وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ " ولا يَحرم منها إلا ما حرم الشرع الحنيف الاتجار فيه كالخمور والمخدرات بأنواعها القديمة والحديثة. ثانيا: يتبايع الناس هذه الأطعمة والعصائر لإعدادها وتحضيرها لوقت إفطارهم من صومهم، الذي حددته آية الصيام " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ" فلا بأس بذلك شرعا ولا حرج إن شاء الله.إذ ليس كل من يشترى طعاما أو شرابا يتناوله نهارا. ولنا الظاهر من أحوال الناس ولم نُؤمر أن ننقب عما فى صدروهم. ثالثا: وقد يكون من هؤلاء الزبائن غير مسلمين ومنهم أيضا أصحاب أعذار شرعية تُبيح لهم الإفطار، وقد يكون وراءهم ممن يعولون أصحاب أعذار شرعية ممن هم دون البلوغ من الجنسين وفى الصحيح " عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يعقل، وعن الصبي حتى يحتلم" رفع القلم كناية عن عدم التكليف، إذ التكليف يلزم منه الكتابة فعبر بالكتابة عنه أي ليس يجري أصلا لا أنه رفع بعد وضع وعبر بلفظ الرافع إشعاراً بأن التكليف لازم لبني آدم إلا لثلاثة هم المذكورون. " وهناك القواعد من النساء، وكذا الحوائض والنفساء والمرضى، ومن هم على سفر، والحوامل والمراضع وغيرهم وغيرهم، وقد يكون من هؤلاء من يباشر الشراء بنفسه ومنهم من يشترى له عائله، فلا بأس من البيع والشراء لتبادل الأعيان والمنافع من جهة، وأخرى لرعاية مصالح من تم ذكرهم هنا. رابعا: إذًا ليس الحرج فى البيع والشراء — للاعتبارات التى سقناها آنفا —، وإنما الحرج إذا كان فى البقالة مطعما يقوم بتقديم الطعام فى الحال نهارا، ويتم تناوله أثناء وقت الصيام جهارا نهارا، هنا يكون الحرج، ولا سيما إذن لم يكن الطاعمون أصحاب أعذار شرعية لأنه يكون حينئذ معيناً على فعل المحرم والإعانة على الحرام — بأي نوع كان — حرام قطعاً، وأصل العمل — البيع — مباح وإنما جاءته الحرمة من أمر عارض.. والخلاصة: البيع فى نهار رمضان لا بأس به شرعا ولا حرج، ولكن تشغيل المطاعم وتقديم الموائد جهارا نهارا لغير أصحاب الأعذار الشرعية هو الذي فيه الحرج، والله أعلم". * الأدلة على أن الإعانة على الحرام حرام س: ما الدليل على أن الإعانة على الحرام حرام؟ ج: الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد الأدلة التى استُنْبِط منها الحكم هنا وقاعدة " الإعانة على الحرام حرام " 1 — من القرآن الكريم الله تعالى يقول: " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" 2 — من السنة النبوية المطهرة: أ — حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: أَتَانِي جِبْرِيل فَقَال: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل لَعَنَ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَسَاقِيَهَا وَمُسْتَقِيَهَا " ب — وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ — فِي إِعَانَةِ الظَّالِمِ — عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: " مَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلْمٍ أَوْ يُعِينُ عَلَى ظُلْمٍ لَمْ يَزَل فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ" ج — وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: " مَثَل الَّذِي يُعِينُ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ كَمَثَل بَعِيرٍ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ فَهُوَ يَنْزِعُ مِنْهَا بِذَنَبِهِ". د — وَلِحَدِيثِ " مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْل مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَل، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ" ه — وَحَدِيثُ " انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَال: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ" هذه نصوص نبوية ناطقة روحها بحرمة الإعانة على محرم فى الشريعة الإسلامية، سادسا: وفى الفقه الإسلامي نظائر كثيرة لحالة السؤال بناء على هذه القاعدة " أن كل ما يُؤدى إلى حرام فهو حرام " قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (فلو باع العنب ممن يتخذه خمراً) بأن يعلم أو يظن منه ذلك (أو الأمرد من معروف بالفجور) به (ونحو ذلك) من كل تصرف يفضي إلى معصية، كبيع الرطب ممن يتخذه نبيذاً، وبيع ديك الهراش، وكبش النطاح ممن يعاني ذلك (حرام) لأنه تسبب إلى معصية. وقال ابن حجر الهيتمي في الكبائر: والظن في ذلك كالعلم. وقال ابن مفلح في الفروع: ولا يصح بيع ما قصد به الحرام كعصير لمتخذه خمراً، قطعاً، نقل الجماعة: إذا علم، وقيل: أو ظنا. سؤر غير المسلم س: — كنت في محفل جمع طائفة من المسلمين والنصارى واليهود، وصادف أن جلس بجواري رجل نصراني وطلب كوباً من الماء فشرب منه، ثم ناولني ما بقي في الكوب من الماء فشربته فأنكر علي أحد الجالسين من إخواننا المسلمين، وقال لا يجوز شربك من الماء الذي شرب منه النصراني، لأنه نجس لأن الله تعالى قال: (إنما المشركون نجس) فلم أوافقه على ما قال، وحصلت بيننا مشادة قوية كادت تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.. فأينا مصيب؟ أرجو بيان الحكم الشرعي في هذه المسألة مع ذكر المراد من لفظ (نجس) الوارد في الآية الشريفة ولكم الفضل والثواب. ج: — الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد أولا: معنى السؤر هو: ما يبقي في الاناء بعد شرب الشارب منه وأكله، وأجمعت المذاهب الأربعة على طهارة سؤر الآدمى — عموما — بجميع أحواله مسلما كان أو كافرا، صغيرا كان أو كبيرا، ذكرا أو أنثى، طاهرا أو نجسا، حائضا أو نفساء أو جنبا، فالآدمى طاهر، ولعابه متولد من طاهر — وكل لعاب متولد من طاهرٍ طاهرٌ — وعند شرابه اختلط طاهرٌ بطاهرٍ وهو الماء، فالسؤر المختلط به طاهر، إلا إذا لَابَسَ نَّجَاسَةَ كأن شرب خمرا أو أَكَلَ مَيْتَةً نَجِسَةً أو أكل لحم خنزير مثلاً ثم شرب من الماء مباشرة على فور ذلك، قَبْلَ بَلْعِ رِيقِهِ فَإِنَّ سُؤْرَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ متنِجَّسٌ ؛ لنجاسة فمه بالخمر أو الميتة أو لحم الخنزير فَإِنْ زال أثر نجاسة فمه بأن لحس شفتيه بلسانه وبَلَعَ رِيقَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قبل شرب الماء طَهُرَ فَمُهُ فإذا شرب لا يكون سؤره حينئذ نجساً، وعلى ذلك لا مانع شرعاً من شرب سؤر هذا النصراني مالم يتحقق تناوله نجساً كما تقدم وإلا امتنع من شربه. والأدلة على طهارة سؤر غير المسلم — لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5]. ووجه الدلالة فى الآية الكريمة وقد أحل الله تعالى للمسلمين طعامهم، وَطَعَامُهُمْ إِنَّمَا يَصْنَعُونَهُ بِأَيْدِيهِمْ فِي أَوَانِيهِمْ فلو كانت نجاستهم نجاسة العين والبدن لما أحل طعامهم،