05 أكتوبر 2025

تسجيل

استثمار شهر الصيام للتنافس في أعمال التطوع

17 يوليو 2013

تدلّ كثير من الأحاديث النبوية الشريفة على مكانة المشي في حاجات الناس، والسعي لتفريج كربهم، فهي من أحبّ الأعمال إلى الله سبحانه، وأصحابها من أحب الناس إلى المولى عزّ وجلّ، وتُقَدّم هذه الأعمال على النوافل من العبادات بما في الاعتكاف في المساجد. وبالوقت نفسه تشير الأحاديث النبوية أيضا إلى المكانة الرفيعة لعمل الخير في قلب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، خصوصا في شهر الصيام.. فما الذي نريده من الجمع بين الأمرين في هذه المقدمة. الأمر باختصار الإفادة من شهر رمضان واستثمار أيامه المباركة في غرس قيم العمل الخيري لدى الأطفال ونشر ثقافته وتشجيع ممارسته عمليا في أوساط الشباب، من خلال برامج ومبادرات، فكما يخطط المسلم، فرداً ومؤسسات، لبرامج روحية تعبدية مكثفة تشتمل على القيام وتلاوة القرآن الكريم والتبرع في سبيل الله، وقد تقيم المؤسسات والجهات فعاليات وأنشطة لهذه الأمور، فإن عليها أن تخصص برامج وفعاليات مماثلة في فعل الخير والتطوع في سبيل الله، وتخصيص أوقات له، دون أن يعني ذلك الاقتصار على دفع الزكاة وتقديم الصدقات فقط.. مستحضرة في هذا المقام قول الرسول الكريم: "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا.".، والحديث الشريف الآخر: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلَرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ". أقول هذا الكلام بعد أن أتيح لي الاطلاع على تجربتين تطوعيتين شبابيتين نفذتا في رمضان، الأولى منهما مسابقة " المتنافسون " التي يشارك فيها كوكبة من الوجوه الشبابية والإعلامية والرياضية في المجتمع القطري، وتصمم وتنفذ لأول مرة على مستوى قطر، وتقوم فكرتها على التنافس بين نجوم الإعلام والرياضة والشباب في المجتمع القطري لجمع 30 مليون ريال قطري لتنفيذ 840 مشروعا نوعيا في 18 بلداً، لصالح حوالي 615.000 مستفيد، عبر جمعية قطر الخيرية وبمبادرة منها، وتسعى بشكلها الاجتماعي المميز إلى كسر النمط التقليدي في جمع التبرعات، وخلق جو من الحماس والوعي الكامل بالعمل الخيري ثقافة وإجراءً. وتهدف مسابقة "المتنافسون" إلى إشراك المجتمع بطريقة فريدة في العمل الخيري من خلال الترفيه والتنافس في قالب عملي وميداني، ونشر ثقافة وقيم العمل الخيري من خلال الزخم الإعلامي والتسويقي المصاحب لهذا النوع من الفعاليات والمسابقات في المجتمع. بالإضافة إلى الاستفادة من موسم رمضان الكريم في تلبية الاحتياجات المعيشية للمسلمين والمحتاجين حول العالم. كما تسعى إلى إبراز القدرة التقنية التي وصل لها العمل الخيري والإنساني بشكل عام ولدى قطر الخيرية بشكل خاص والعمل على استغلالها بشكل أكبر وفعال، وزيادة التكاتف المجتمعي وإبراز رجالات المجتمع ونجومه الشباب جنباً إلى جنب في العمل الإنساني والخيري، واستثمار نجوميتهم في خدمة العمل الإنساني. ويتم دعم المتنافسين في المسابقة من خلال الدخول إلى الموقع الإلكتروني لقطر الخيرية ثم الذهاب إلى النوافذ المخصصة للمتنافسين، حيث يمكن للمتبرع دعم الشخصية التي يساندها من خلال التبرع على أحد الأرقام الموجودة في الموقع أو عن طريق الآليات المحدد لذلك، وبالمبالغ المخصصة لكل مشروع. وسيتم تكريم الفائزين من المتنافسين بحسب حجم التبرعات التي تمكنوا من الحصول عليها لصالح المشاريع الخيرية. المبادرة الأخرى مبادرة " طموح" التي انخرط فيها شباب وفتيات من قطر لجمع التبرعات لصالح اللاجئين في الأردن، وقد نشط هؤلاء الشباب في تحد تنافسي أسموه " تحدي الخير" لجمع نصف مليون ريال، ثم قاموا من خلال ما أسموها " رحلة العطاء " في إيصال المساعدات للاجئين السوريين في مخيم الزعتري وغيره، وقد تم جزء من عملية التوزيع عمليا في الأيام الأولى لشهر رمضان الحالي. إذا كان العمل التطوعي في الأيام العادية من الأعمال الجليلة، التي يترتب عليها أجر كبير من الله سبحانه، لكونها ستكون سببا في إسعاد الناس ورسم البسمة على قلوبهم وإدخال السرور على قلوبهم، فهو في رمضان أكثر أجرا ومثوبة دونما شك، نظرا لمضاعفة الأجور والحسنات في هذا الموسم الكريم. وعودا على بدء فإن المطلوب من الجهات التطوعية والشبابية والخيرية، أن تستثمر شهر رمضان، وصفاء النفوس فيه، وما أعده المولى من حسنات مضاعفة طيلة أيامه، وذلك لإعداد برامج تطوعية يمكن بواسطتها تعزيز ثقافة العمل الخيري وتحويله إلى سلوكيات عملية، وتوظيف طاقات الشباب، في أعمال تخدم المجتمع والأمة. وبموازاة ذلك على الأسر تعويد أطفالهم على عمل الخير، بحيث تخصص لهم، كل يوم فعلا من الأفعال الطيبة، كالتبسم في وجه الآخرين، أو إماطة الأذى عن الطريق، أو زيارة مريض، بحيث لا يخرج الطفل من مدرسة رمضان إلا وقد تعرف على أصناف مختلفة من فعال الخير، وقام بتنفيذها بنفسه. تقبل الله منا ومنكم سائر الطاعات والقربات، ورزقنا أجر خدمة الناس وتفريج الكرب عنهم وقضاء حاجاتهم، وأخذ بأيدينا لكل ما يرضيه عنا إنه سميع مجيب.