17 سبتمبر 2025

تسجيل

أيام الزينة

17 يوليو 2013

لكل أمة من الأمم أعيادها ومناسباتها التي تحقق بها بعض رغبات نفوسها من الترفه بما يناسبها قد تكون هذه الأعياد أعياداً دينية أو مناسبات وطنية، فلكل أمة طريقتها في الاحتفال وفق ديانتها وعاداتها وتقاليدها بل ووفق أساطيرها وخرافاتها التي ورثتها من الأجيال السابقة عبر القرون. فلليهود أعياد وأيام، وللنصارى أعياد وأيام، عيد الفصح وعيد رأس السنة وغير ذلك وللمجوس أعياد وأيام كيوم النوروز أو عيد الربيع وحتى الشيوعيين لهم عيد أطلقوا عليه عيد العمال وما أكثر الأعياد في دنيا الأمم عيد العمال وعيد الربيع وعيد المعلم وعيد الأم وعيد الطفل أو يوم الطفولة وفي بعض البلاد الغربية ابتدعوا أياماً يحتلفون بها فإن لديهم يوم يتراشقون فيه بالطعام ويوماً يختلط الحابل بالنابل وفي سن معينة لقطف العنب أو القطن وفي أسبانيا هناك يوم للثيران تنطح الناس وينطحها الناس لا فرق بين الناطح والمنطوح فالكل يركض والكل يضرب بالأربع والكل يدوس ويداس كيوم فرعون في يوم الزينة يوم يجمع فرعون الناس ويظهرون ما لديهم من خبث الطويه والقدرة على التلاعب بعقول المشاهدين (ذلك يوم مجموع له الناسُ وذلك يوم مشهود) إنها أيام زينة وبهجة أو احدهما يجتمع فيها الناس. وفي حالتنا نحن المسلمين، فقد شرع الله لنا عيدين في كل عام عيد الفطر فرحا وابتهاجاً لأداء ركن من أركان الإسلام ألا وهو صوم رمضان (للصائم فرحتان فرحة عند فطره) لأن هذا اليوم كيوم الاحتفال الذي توزع فيه الجوائز على الجادين في أداء ما أوكل إليهم من أعمال. والفرحة الكبرى وهي:" وفرحة عند لقاء ربه" يوم (ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاهُ منشوراً، اقرأ كتابك) فيقراً بتمعن وينظر ما فيه فإذا هو ملئ بالصالحات فيطير فؤاده فرحاً وسروراً فيقول للأحباب والأصحاب (هاؤم اقرءوا كتابيه. إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه) ثم هذا العيد بعد رحلة قد تكون شاقة على كثير من النفوس فأراد الإسلام إجمامها ببعض اللهو المباح. ثم يأتي بعد مدة ليس بالطويلة عيد الأضحى ليفرح به الحاج والمعتمر في الأرض المقدسة المباركة ويشاركه المسلمون في أنحاء الأرض ابتهاجاً بقيام هذا الركن من أركان الإسلام وإعلان وإعلاء كلمة التوحيد من أول المناسك إلى أخر أدائها. وشرع لنا الإسلام كيفية الاحتفاء والاحتفال بهذين اليومين أو العيدين. إنها أيام أكل وشرب بعد فطام للنفس دام شهراً وأيام فرح وسرور وتواصل بعد شهر من التبتل والانقطاع عما يجرح وجه الطاعة. الحج أشهر معلومات نتعلم فيهن حرمة إتلاف الأشياء الحية فإذا تخرج الطالب (الحاج) فرح بتخرجه فنال شهادة " رجع كيوم ولدته أمه" وفرح إخوانه في العالم بنجاح وفد الرحمن في الامتحان وأدائهم لهذا الركن العظيم. في هذين العيدين نلبس جميل الثياب ونظهر أحلى الحلل ونعطرهما بأذكار المنعم الذي منع وأباح ونحن له طائعون. نصل الأرحام المقطوعة نتهادى بوسائل الحب (تهادوا تحابوا) نرفع شعار الدعاء (يتقبل الله منا ومنكم) دعوة أخ لأخيه ودعاء (حج مبرور وذنب مغفور) نظهر من السرور والبهجة فلم لا نفرح نحن بأعيادنا أن هذه النفوس تكل وإذا كلت عميت فروحوها باللهو المباح، لم لا يتغنى المسلمون بدينهم في غير بذاءة ولا تبذل لم لا يجد المسلمون البديل النظيف بما يتناسب وعقيدتهم عقيدة الجمال والكمال، لماذا نظهر هذه الشريعة كأنها عرجاء لا تعرف للفرح طعماً ولا للابتسامة لوناً؟ إن تبسمك في وجه أخيك صدقة وأين " والله لن تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم"؟ ثم من أين تأتي الابتسامة والسلام والمرء مقطب الوجه مكفهر اللون؟ إن في ديننا فسحة بل فسح طرب الحبش بحضرة النبي الكريم ورقصوا بما يناسب الحال فلم لا يطرب الحبش أو العرب أو المسلمون بما يتناسب وأعرافهم وتقاليدهم وآداب دينهم لم نحجر واسعاً ؟ عائشة رضي الله عنها تنظر وتسمع إنها ترى الرجال يلعبون وترى الجويرات يرقصن فلم لا يلعب رجالنا وترقص جويرياتنا قبل أن ترقص لنا أو ترقصنا بنات الليل ورواد الحانات؟ في العالم الغربي والمستغرب معهم يحتلفون بأعيادهم ومناسباتهم على غير هدى فكل شيء عندهم مباح أطلقوا العنان للغرائز بحجة الحرية ثم العيد إن لهم ما يشاؤون أو يختارون فإن لكل قوم عيداً لكن أن تحول أعيادنا بما يمسخ حقيقتها ويغير الوجه الذي جاءت من أجله فهذا مما لا ينبغي للعقلاء فعله قد يفعله المرء مع نفسه إرضاء لهواها أما أن يشيع ذلك في أمته فيفسد عليها دينها وخلقها وآدابها فهذا من دواهي الزمن ثم يزعم هذا الفاعل أنه متحضر مثلاً ألا يعتقد أنه مسخ هويته وألغاها وانتسب إلى غير أصله من غير حاجة أو ضرورة إلا شهوة التقليد والمحاكاة؟ إن صمام الأمان لبلادنا والذي لا زلنا نتفوق به على غيرها هو الأمان وهذا الأمان الذي نعيشه من غير قوة سلطان إنما وفره لنا الدين القويم والأخلاق النبيلة فلا يكن أحدنا أمعة ولا يكن أحدنا ساناً لسنة سيئة يتحمل وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. وليحذر المؤمن أن يصاب بمقت من الله الذي توعد الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في بيئة التوحيد حيث قال (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة) فكن مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر والخير معروف بالفطر والشر معروف كذلك نعم إن في ديننا فسخة فاجمعوا هذه النفوس فإنها إذا كلت عميت. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين