14 سبتمبر 2025

تسجيل

يا رب احفظ مصر من العابثين بها

17 يوليو 2012

كنت ضيفا في برنامج على تلفزيون الحوار لمناقشة أوضاع مصر بعد الجولة الأولى من الانتخابات التي تقدم فيها الدكتور محمد مرسي عن حزب "الحرية والعدالة" والفريق شفيق عن حزب الفلول والعسكر " وكان رأيي في ذلك البرنامج وقبل بدء الجولة الثانية من الانتخابات أن ينسحب الدكتور مرسي من السباق لصالح السيد حمدين صباحي " حزب الكرامة " وكان شريكي في ذلك البرنامج الدكتور عزام من فلسطين وتصنيفه السياسي " إسلامي وسطي " كنا على طرفي نقيض في حوارنا المتلفز. كان رأيي في اختيار الفائز الثالث الأستاذ حمدين صباحي ليواجه الفريق أحمد شفيق لكون السيد صباحي له باع طويل في الحركة السياسية المصرية والعربية وله مناصرون في كل الوطن العربي ويتميز بحسن الخلق،عف اللسان، نظيف اليدين ليس له علاقات مشبوهة وأنه قد يلاقي قبولا من كل المكونات السياسة للمجتمع المصري، بينما الدكتور مرسي سيناصره التيار الإسلامي وسيعارضه البعض من ذلك التيار إلى جانب أطراف أخرى من هذا المجتمع الواسع التحزبات ليس لعيبا في الدكتور مرسي ولكن اعتراضا على تولي الإسلاميين مقاليد السلطة في مصر وسوريا على وجه التحديد لأسباب موضوعية ليس هذا مجال ذكرها. (2) كان رأي الدكتور عزام يدور حول الأغلبية في مصر أنهم من المسلمين وأن الإخوان المسلمين لهم تاريخ طويل وأنهم الأجدر بالقيادة، كانت خشيتي أن تعجبهم كثرتهم وينطبق عليهم ما حدث للمسلمين في يوم " حنين " في صدر الإسلام. قلت في ذلك البرنامج: قد يفوز الدكتور مرسي في الجولة الثانية وينصّب رئيسا للجمهورية ولكني أجزم بأنه لن يمكّن من النجاح في إدارة جمهورية مصر فسيتكالب عليه القوم ومن كل الاتجاهات داخليا وخارجيا وأن الخروج من هذا المأزق هو السيد حمدين صباحي ولا شك أن السيد صباحي سيواجه مصاعب لكنها الأقل مقارنة بما سيواجهه التيار الإسلامي. (3) واجه الرئيس المنتخب محمد مرسي حملة تشويه وحرب نفسية قبل إعلان النتائج وبعدها منها على سبيل المثال لا الحصر التأخر في إعلان النتائج في الوقت الذي كانت ماكينة الإعلام المضاد تروج بثقة لفوز الفريق أحمد شفيق، ثم قيل إن العسكر مورست عليهم ضغوط أمريكية بإعلان النتائج لصالح التيار الإسلامي رغم فوز شفيق، وامتدت الحرب الإعلامية إلى الصحافة الغربية الأمر الذي جعل بعض كتابها يقولون بتلك الضغوط وإذعان العسكر لها وكل ذلك يهدف للنيل من استقلالية الحركة الإسلامية في مصر واتهامها بالتبعية للسياسة الأمريكية (نموذج ذلك باترك سيل). بعد أن أيقن الكل بأن التيار الإسلامي في المقدمة بدأ وضع العقبات في طريق الرئيس المنتخب، أولها حل مجلس النواب المنتخب بموجب حكم قضائي ــ كلهم معينون من قبل النظام المخلوع كما هو حال المجلس العسكري ـــ أصدر المجلس العسكري قرارا له صفة القانون بأنه الجهة المخولة بصياغة الدستور المكمل وهو الذي يحدد صلاحيات الرئيس في الدستور، بمعنى آخر أن الدستور سيفصل تفصيلا ليحد من صلاحيات الرئيس ويجعله مسؤولا بلا أرجل وبلا أذرع ولا أسنان، وهم في طريقهم لإلغاء اللجنة الدستورية التي تشكلت من مجلس الشورى وبذلك تكون الضربة القاضية. حاول الرئيس محمد مرسي استعادة صلاحياته أو جزء منها ولكنه لم يمكن من ذلك لأنه يواجه بجيش مسلح يملك بيده كل وسائل القوة والإكراه، وجهاز إعلامي مدرب، ومحاكم وقضاة لا سلطان للرئيس عليهم. لاحظت في احتفال تخريج دفعة من ضباط الشرطة في الأسبوع الماضي أن الرئيس مرسي حضر الاحتفال وتأخر الافتتاح حتى وصل رئيس المجلس العسكري المشير طنطاوي الذي صافح الرئيس باليد دون أن يقدم له التحية العسكرية كما هي التقاليد في كل الدول. احتفال آخر لتسليم واستلام القيادة ببن الجيشين الثاني والثالث وحضره رئيس المجلس العسكري طنطاوي ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة وقادة الوحدات الميدانية ومحافظو (السويس والإسماعيلية وبورسعيد وشمال سيناء) وقادة الشرطة وشيوخ العشائر في سيناء (الأهرام 16 / 7 وتناوب القادة على الميكرفون لإلقاء كلماتهم في الحفل، ما جذب انتباهي في كلمة المشير طنطاوي قوله " لن نسمح بأن تكون مصر لجماعة معينة " وراح تفسيري لهذا القول إلى أن جماعة الإخوان المسلمين لن تمكن من إدارة الدولة، وأدى اللواء أحمد وصفي القسم بقوله " إن الجيش الثاني يعاهد الله والوطن والقائد العام للقوات المسلحة.. " لاحظ لغة القسم وغياب ذكر القائد الأعلى للقوات المسلحة إنها سابقة خطيرة في جيش مصر ولهذا القسم تبعات توحي بعدم تولي الرئيس مرسي القيادة العليا للقوات المسلحة بصفته رئيس الدولة. آخر القول: هل شعب مصر ليس مؤهلا بعد للديمقراطية كما قال اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات السابق؟