13 سبتمبر 2025

تسجيل

فلنبدأ الإصلاح من أول درجة

17 يوليو 2012

إن البداية الحقيقية لنهوض الأمة العربية والإسلامية من كبوتها الراهنة لن يتحقق إلا بالتعليم، والتعليم لا يمكن إصلاحه إلا بإصلاح الدرجة الأولى من درجات السلم التعليمي، وهي رياض الأطفال، وإصلاح الرياض – وغيرها من مؤسسات التعليم – لن ينجح إلا بالنظر المستمر في أوضاع المعلمين. ويشهد العالم العربي منذ النصف الثاني من القرن الماضي مجهودات حثيثة متواصلة لإحداث نقلة نوعية متميزة في التطوير التربوي، ومع اقتراب القرن العشرين من نهايته، نما الاهتمام بالبحث والتحليل للأنظمة التربوية المحلية والدولية التي تتعلق بتربية طفل الروضة. لذا أصبح التحدي الحقيقي أمام وزارات التربية والتعليم في البلدان العربية جميعا هو إحداث نقلة نوعية في نظام التعليم الموجه للطفولة للتحول إلى نموذج تربوي جديد ينتقل من التعليم إلى التعلم لتنمية الإبداع والتفكير الناقد ومهارات التعلم الذاتي المستمر ودعم القدرات العلمية والعملية لدى المتعلمين لإعداد رأس المال البشري القادر على المساهمة في إنجاح سياسة الدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق مجتمع المواطنة والعدل والحرية والدخول بالأمة العربية إلى مجتمع المعرفة والمنافسة العالمية. وقد وجهت معظم وزارات التربية والتعليم في البلدان العربية اهتمامها إلى مرحلة الطفولة المبكرة نظراً لأهمية هذه المرحلة ففيها تتحدد معالم شخصية الطفل ويكتسب أنماط سلوكه وقيمه وعاداته واتجاهاته فهي مرحلة البناء والتكوين ومن خلالها يمكن أن نشكل مستقبل الأمة ونرسم طريقها. وتؤكد غالبية الدراسات المنشورة - في مجالات علم النفس والتربية - أن نسبة كبيرة من مقومات شخصية الفرد المعرفية والوجدانية والسلوكية تتشكل في السنوات الخمس أو الست الأولى من عمره ويسميها البعض السنوات التكوينية. ومرحلة رياض الأطفال يمكن النظر إليها على أنها نقطة البداية التعليمية الأساسية لتأسيس القيم الأخلاقية الرفيعة، وتعزيز الهوية، وتشكيل السلوكيات الإيجابية، وبناء العادات العقلية السليمة، وبدء ممارسة أسس التفكير العقلاني. وتشير الدراسات إلى أن الأطفال في هذه المرحلة لديهم عديد من المطالب والحاجات والرغبات التي يجب أن تُلبى وتُشبع بطريقة مدروسة وجادة ولتحقيق هذه الحاجات والرغبات فلابد أن يكون لدينا معلمات رياض أطفال لديهن كامل المعرفة بهذه الاحتياجات ويمارسن أدوارهن في رياض الأطفال على مستوى عالي الجودة. فمعلمة الروضة واحدة من أهم عناصر البيئة التعليمية للطفل فهي تشكل حجر زاوية التعليم بها يقتدي الأطفال في سلوكهم وعليها تقع مسؤولية تهيئة الظروف بالروضة ليستمتع فيها الطفل بوقته بشكل مرح. وتقويم سلوكه الخاطئ وتشجيعه على العمل، وغير ذلك من الصفات الشخصية والمهنية التي يجب توافرها في معلمة الروضة. ويؤكد التربويون أن المعلمة الجيدة هي التي تستطيع أن تهيئ بيئة تعليمية ثرية بالخبرات والمعلومات والمعارف تدفع الطفل إلى حب الاكتشاف، فعن طريقها يتعلم الأطفال كيف يفكرون تفكيراً علمياً سليماً وكيف يستفيدون مما تعلموه في تحسين سلوكهم. ومن خلال ما سبق وسعياً نحو تحقيق الهدف المنشود تضمنت وثيقة المعايير القومية لرياض الأطفال في مصر: "وضع مواصفات نظام تربوي في مرحلة رياض الأطفال يتميز بالجودة في مدخلاته وعملياته ومخرجاته بما يضمن للطفل المصري بناء متوازناً ونمواً متكاملاً في المراحل التالية وإعداده للحياة في المجتمع المعاصر تفعيلاً لحقه في البقاء والنماء والمشاركة الإيجابية من أجل مستقبل آمن".. من هنا كان من الضروري إعداد وتأهيل معلمات رياض الأطفال على مستوى عالٍ من الجودة مع ضرورة التأكد من امتلاكهن كما كافيا من المهارات والكفايات التي تؤهلهن لتحقيق الهدف المنشود. ومن ثم يصبح التساؤل مشروعا وملحّاً حول مدى قدرة معلمات رياض الأطفال على الوفاء بهذه المستجدات التربوية بما تتطلبه من كفايات ومهارات أداء مهني؟ ومن ناحية أخرى التساؤل عن المعوقات التي تواجه معلمات رياض الأطفال في أداء رسالتهن للوصول بالخدمات المقدمة إلى الأطفال إلى مستوى عال من الجودة.؟ فالأمة العربية في أمس الحاجة إلى تحديد مدى كفايات الأداء المهني لمعلمات رياض الأطفال ومن ثم ما معوقات جودة الأداء المهني لدى هؤلاء المعلمات؟ وهذان التساؤلان يطرحان نفسيهما بقوة على مؤسساتنا البحثية في وقتنا الراهن وذلك بهدف ترقية المستوى المهني لمعلمات رياض الأطفال في البلاد العربية من خلال: 1- تحديد كفايات الأداء المهني لمعلمات الروضة. 2-تحديد معوقات تحقيق الجودة في الأداء المهني لمعلمات رياض الأطفال. 3- تحديد متطلبات الاعتماد المؤسسي لأداء معلمات رياض الأطفال وفق المعايير المحددة للاعتماد التربوي. 4- توفير معلومات ضرورية عن مدى امتلاك معلمات رياض الأطفال للكفايات الأساسية المطلوبة للعمل مع هذه المرحلة وبالتالي الاستفادة من ذلك في تحسين وتطوير كفاياتهن التعليمية ووضع البرامج اللازمة بهذا الخصوص. 5- تحديد مواطن القوة والضعف في مستوى أدائهن المهني الذي يصعب تحديده بشكل دقيق وتفصيلي. 6- لفت أنظار المسؤولين والقائمين على التوجيه والإرشاد التربوي في مؤسسات رياض الأطفال عن الكفايات المطلوبة لدى هؤلاء المعلمات عند اختيارهن لهذه المهنة وعند تقويمهن.