14 سبتمبر 2025
تسجيلعندما تنظر لمختلف نصوص الدستور والمذكرات التفسيرية، تستخلص وجود ثلاثة مظاهر هي التي تحدد طبيعة النظام الدستوري. وسوف نستعرض هنا تبني موقف النظام الدستوري القطري إزاء الصور المختلفة للعملية الانتخابية وكيفية اشتراك الشعب في السلطة. فإذا أخذنا بالديمقراطية المباشرة وهي تطبيق كامل لفكرة الديمقراطية، وتعني: حكم الشعب لنفسه بنفسه مباشرة دون أي وساطة لنواب عنه، حيث تقوم على أساس مشاركة جميع أفراد الشعب في اتخاذ القرارات الحكومية، فلا فرق بين الحاكم والمحكوم، وهي من الناحية العملية صعبة التطبيق لاستحالة اجتماع كل أفراد الشعب، وهم المعترف لهم بالحقوق السياسية في مكان واحد، مع الاعتقاد بأنها قد تناسب البلدان الصغيرة جداً، وبالتالي فهي تعتبر من أقدم صور الديمقراطية، وقد كانت مثالاً تاريخياً في اليونان القديمة، حيث لم تكن المؤسسات الديمقراطية تشبه مؤسسات اليوم، وتعتبر سويسرا في الوقت الحاضر الدولة الوحيدة التي تتبع نظام الديمقراطية المباشرة في بعض مقاطعاتها الصغيرة. بجانب ذلك هناك أيضاً الديمقراطية شبه المباشرة وهي نظام وسط، تجمع بين الديمقراطية المباشرة والنيابية، حيث إن البرلمان المنتخب موجود كما هو الشأن في النظام النيابي، وفيه ممثلون ينيبون عن الشعب ويمارسون السلطات نيابة عن الشعب ويعملون باسمه، ولاحتفاظ الشعب لنفسه ببعض السلطات الهامة، نجد أن هذا النظام يقوم على نوع من التعاون بين الناخبين وممثليهم في إدارة شؤون الدولة. وبسبب هذا التعاون يصبح الناخبون وكأنهم سلطة رابعة لها الحق في أن تملي إرادتها على السلطة الحاكمة. وأخيراً الديمقراطية النيابية وتعني أن الشعب لا يزاول سلطاته بنفسه، بل يقتصر دوره على اختيار نواب عنه ينتخبهم لمدة معينة يعملون لحسابه وباسمه في ممارسة السلطة. وقد نشأ هذا النظام في فرنسا وانجلترا، وما لبث أن انتقل إلى الدول الأخرى، ولم تسلم أيضاً هذه الديمقراطية من انتقاد بعض الفقهاء، وللتكييف القانوني للعلاقة بين الناخبين ونوابهم عرض الفقه عدة نظريات في الإنابة أو الوكالة والوصايا وغيرها، ثم استخلصوا للنظام النيابي عدة أركان وهي كالتالي: الركن الأول وهو وجود برلمان منتخب. أما الركن الثاني وهو أن عضو البرلمان يمثل الشعب بأسره لا الدائرة التي انتخبته. والركن الثالث وهو عدم اشتراك جمهور الناخبين مع البرلمان في مباشرة سلطات الحكم. الركن الرابع الانتخاب يكون لمدة محددة قد تختلف حسب ظروف الدولة السياسية. موقف الدستور القطري إذا أخذنا بالركن الأول، فإن الدستور القطري قرر في هذا الركن وضع السلطة التشريعية في يد مجلس يأتي معظم أعضائه عن طريق الانتخاب العام المباشر ومراقبة الحكومة وأعمالها واختصاصاتها في الشؤون المالية، وحيث ما اشتملت عليه المذكرة التفسيرية للدستور القطري وكما جاء بالمادة (76) من الدستور "يتولى مجلس الشورى سلطة التشريع، ويقر الموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على السلطة التنفيذية"، المادة (77) يتألف مجلس الشورى من خمسة وأربعين عضواً يتم انتخاب ثلاثين منهم عن طريق الاقتراع العام السري المباشر. أما الركن الثاني فقد قرر الدستور القطري في المادة (115) "على أعضاء مجلس الشورى أن يستهدفوا في سلوكهم مصالح الوطن، وألا يستغلوا العضوية بأية صورة كانت لفائدتهم أو لفائدة من تصله بهم علاقة خاصة". وهناك أيضاً الركن الثالث وقد حددت بعض مضامينه المادة (105) و(108) و(109) و(110)، وكما جاء بيانه في المذكرة التفسيرية في المادة (104) و(106). أما بالنسبة للركن الرابع والأخير فكما قرر الدستور القطري في توقيت مدة عضوية المجلس، وأن الانتخاب لمدة معينة، تتجدد دورياً مما يعطي الشعب فرصة أخرى للاختيار وإبداء رغباته المتجددة، والتي تعبر عن إرادته وتوجهاته المتغيّرة والمتطورة مع مرور السنوات، وقد جعل الدستور القطري مدة عضوية مجلس الشورى أربع سنوات، وذلك بمقتضى المادة (81)، والتي تنص على أن "مدة المجلس أربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ أول اجتماع له، وتجري انتخابات المجلس الجديد خلال التسعين يوماً السابقة على نهاية تلك المدة. خبير قانوني [email protected]