12 سبتمبر 2025

تسجيل

القماشة المتقطعة

17 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قماشة متوسطة العرض، مخروقة من المنتصف، يلبسها رجال من بني مضر، وقد طال زمان لبسهم لها، فتمزقت أطرافها واتسخت، وهي لا زينة فيها، ولا تقي من برد، كأني ببعضهم قد ربط خصره بما يحميه من هبة ريح تهدد ستره الذي بالكاد يتماسك. سار أولئك القوم بثيابهم المهترئة تلك مسيرة طويلة، وقد ساروا من قبلها مسيرات كثيرة، لكن مسيرتهم هذه المرة مختلفة، فهي مسيرة أمل وترقب لتغير الحال، وآخر المسير هذا ولو كان السير متعبا والقلب منفطرا لقاء الحبيب صلى الله عليه وسلم.لم تكن هذه الملبوسات من عادتهم ، وليس من شيم العرب أن يلتف الرجل بخرقة بالية ، وهي بالتأكيد ليست صرعة الموضة في ذلك الوقت وإنما هي - كما توقعت عزيزي القارئ- الفاقة وشدة الحاجة والفقر.وما إن وقعت عين النبي صلى الله عليه وسلم عليهم انتفض من حينه، وتمكن الحزن من قلبه وأمر من ينادي الناس، فلما اجتمعوا اهتز المنبر بين يديه حتى كاد يسقط من قوة ما وعظ به الناس للصدقة، وقد كانت عادته صلى الله عليه وسلم إذا خطب انه يخطب من قلبه؛ فيحمر وجهه وتنتفخ أوداجه، وإذ به في وعظه يتجاوز إنسانية الإنسان ومعونة البشر بدافع الاخوة، يتجاوزها إلى أمر أبعد بكثير من هذا فقد جعل المتصدق متعرضا لرحمة الله ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا له بنفسه -وهو النبي الخاتم - دعا للمتصدق أن يرحمه الله وما أعظمها من دعوة.فتسابق الناس على الصدقة فتكوّمت أمام عينيه أنواع الصدقات البر والتمر واللباس؛ حتى خلعت النساء أقراطهن والذهب الذي يرتدينه، وإذ بوجه النبي صلى الله عليه وسلم يشرق وتنفرج أساريره، وتكبر فيه البسمة كلما ازدادت العطايا، حتى استنار كأنه القمر ليلة البدر، صلى الله عليه وسلم.