17 سبتمبر 2025
تسجيلالحلول المؤقتة التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لأزمة اليونان هشة وغير مجدية ، لضبابية الإصلاحات التي تنتهجها اليونان في إصلاح نظامها المالي المتهاوي.قبل أشهر قدم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي دعما ماليا لإنقاذ اقتصاد اليونان، والحفاظ على استمراريته من الخروج من الكتلة الأوروبية .فقد أمهل المقرضون الدوليون اليونان ٤ أشهر لتنفيذ إصلاحات مقابل تأجيل ديونها لفترات أطول، إلا انّ الوعود لم تجد نفعاً .حيث تشير التقديرات إلى أن مجمل الديون يتجاوز ٩٤٨ مليار يورو ، ويتجاوز الدين الخارجي أكثر من ٥٠٠ مليار يورو ، وهذا يفوق القدرة الاقتصادية لليونان.فالتعافي الهش لليونان قبل أشهر ما هو إلا فقاعة ستجر بقية الدول إلى انهيار مالي حقيقي.في رأيي أنّ تباطؤ الحلول ما هو إلا محاولات غير جادة من الأنظمة المالية الساعية إلى كسب وقت أطول من الأزمة ، ففي ظل الأزمات والصراعات تنشط قطاعات تعيش على هامش تلك الاختلافات لكسب المزيد من الفرص السوقية من الرهن والقروض وفرص الشراء بأسعار منخفضة وشراء عملات ومعادن ومضاربات مالية.نحن اليوم في حاجة إلى بناء اقتصاديات جديدة تقوم على مبادئ أخلاقية أولاً ، أبرزها الشفافية ومحاربة الفساد والمصداقية والحفاظ على ثقة المتعاملين في السوق .فاقتصاد أيّ دولة معرض للانهيار لا يمكن إصلاحه في يوم وليلة ، لأنّ الخطط الآنية لابد وأن تدرس قبلها بسنوات، وأن تستشرف الحلول الممكنة، وهذا لا يتم بعيداً عن الأنظمة المعيشية الأخرى مثل التأمينات والإصلاحات والرواتب .فقد قدم البنك الدولي قبل أشهر قرضاً تجاوز المليارات ليترك فرصة لليونان في الخروج من تعثرها إلا أنّ الموازنة المرصودة لم تنفق بالشكل الصحيح.فقد ذكر صندوق النقد الدولي أنّ العالم بحاجة إلى مزيد من الجهود للتعامل مع الديون الحكومية والمصرفية الهائلة ، التي تواصل التأثير على معدلات النمو ، وتقوض استقرار الأنظمة المالية ، وأنه بسبب النمو المتأخر لم يعد مجدياً وكافياً فعل شيء.هذا التحذير الذي أطلقه صندوق النقد الدولي مؤخراً بسبب فشل الدول الأوروبية في صياغة حلول مالية كبيرة وقادرة على إنقاذ بنوك صغيرة، وتزايد الاستثمارات المحفوفة بالمخاطر ، والصعوبات التي تقف عقبة أمام اقتصادات الدول الناشئة ، والإنفاق الهائل على مشروعات البنية التحتية والإصلاحات.وذكر الصندوق أنه على الرغم من تشجيع صناع القرار على طرح الإصلاحات الأكثر عمقاً في أسواق العمل الخاصة بهم ، واللوائح والأنظمة التي تقيد حركة التجارة ، وتهدف إلى وضع أجندة للسوق، وتحفيز معدلات النمو وخلق مزيد من فرص العمل.ومما يفاقم من هذا التوتر، مخاوف الأوضاع المتأزمة في أوروبا، الأمر الذي جعل المستثمرين يتجنبون المخاطرة في أسواق المال ، تحسباً من انهيارات مفاجئة، أضف إلى ذلك مخاوف أصحاب المصانع والمزارع والمؤسسات الكبرى والشركات من تأثر سلبي لليورو ، بسبب تزايد حدة الخلافات السياسية والتحركات غير المستقرة في تلك الدول.فقد تحولت تداعيات الانهيار المالي إلى معضلة اقتصادية حقيقية ، لأنّ آثارها امتدت إلى المؤسسات المالية والمصرفية والإيرادات العامة للدول، وأدت إلى خلخلة في أنظمتها الاقتصادية والصناعية.وقد أوضحت في مقال سابق أنّ مفهوم المعضلة الاقتصادية ، يعني السعي الدؤوب إلى تحسين الموارد المتوافرة لدى الدول للخروج من أزمة اقتصادية خانقة، ولكن على مستوى العالم فإنّ فعالية استعمال الموارد يبدو ناقصاً لأنّ الخسائر ناجمة عن سوء التنظيم وسوء الاستغلال الأمثل للموارد، أدت إلى الهبوط بمستوى الرفاهية الفعلية للسكان .فقد يكون التسارع الأوروبي لإنقاذ سوق العمل مدعاة للابتكار في مجالات الترويج ، وجذب الزبائن ، واستعادة الثقة في السوق ، إذ أنّ الابتكار عمل اقتصادي مهم ، يؤدي إلى مفهوم جديد للإنتاج والاقتصاد.بالنسبة للدول الخليجية، كمثال أورده هنا فقد اتخذت نهجاً يقوم على تبني الخطط المتأنية بعيدة الرؤى ، اتخذت الخطط الاحترازية في تبني سياسة سلة العملات، وأن جزءا كبيرا من ودائعها يتم باليورو والدولار، وعملت على جذب الاستثمارات الخارجية، وتهيئة المناخ للصناعات القائمة على الطاقة، وتأسيس بنية تحتية للنظام المصرفي، ومناخ مشجع للاستثمار ورؤوس الأموال.