13 سبتمبر 2025
تسجيلتلعب كلمة "بن" في الثقافة العربية والنسب وقبائلها دورا مهما في عملية الاحترام الشخصي، نظرا لما لها من أهمية في تسطيرها في الاسم كمترادف خاص به ملحقا لا يمكن فصله، وتتنادى به العوائل والقبائل حتى بين افراد القبيلة الواحدة أو العائلة الواحدة. أو ربما حتى في البيت الواحد تتم المناداة بذات الاسم والملحق مباشرة بكلمة بن، حتى لتجد بعض الأسر تنادي فيها الأخوة فلان بن فلان.... حتى لو كان فلان هو الأخ الشقيق لفلان ويسكنون بيتا واحدا. إنها ثقافة مجتمعية درجت عليها القبائل والناس واعتادوها لسانا ومعاملة وتناديا، ولا غضاضة من اثارة موضوعها اذ لا يدخل ذلك ضمن النعرات القبلية خصوصا وانها سائدة في التعامل في قطر على المستوى الاجتماعي، حين إنه في غيرها من بعض الدول الخليجية مثل عمان والدول العربية مثل الجزائر تجد الكلمة سائدة حتى في التعريف العام، اما في موريتانيا فكلمة "ولد" تقوم مقام "بن". وما تجدر الإشارة إليه أن كلمة (بن) لا تنسحب في قطر والخليج على الرجل فقط في المناداة الاجتماعية والتدوين، ولكن تنسحب على المرأة ايضا (فلانة بنت فلان)، ولا يمكن أن يتم الحديث عن فلان أو فلانه بإسقاط ال (بن)، اذ يعد ذلك تحقيرا من الشخص حسب الثقافة المتوارثة في الخليج، إذ يعد التعامل مع الفرد باسمه واسم والده حافّا دون اضافة "بن" تحقيرا في ثقافتنا العربية. أما في دنيا الورق والمعاملات الوظيفية فلو تم وضع (بن) في تذييل اسم الموظف ينتاب البعض التحسس، ولقاموا ينعتون مستخدمها بالعنصرية والطبقية والفوقية رغم انها العرف والأصل لا الفرع وهي المشاعة مجتمعيا، حيث إن بعض الدول تضعها في الجوازات رسميا. ولم ينهَ الدين عن الانتساب للاسم بكلمة "بن" بل نهى عن الترافع والتعالي والنعرات الطائفية في اي استخدام قبلي يشي بالنعرات سواء كان بها او بغيرها. إذ كان العرب في الجاهلية وفي الاسلام ينادون ويدونون اسماء الابناء لابائهم باستخدام كلمة "بن". وفي الإطار العام، فإن رسولنا "ص" هو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب وهو أرفع خلق الله نسبا، وكذلك فإن مؤذن الاسلام هو الحبشي بلال بن رباح، وكذلك كان على ذات التسمية كل من خبّاب بن الارتّ وعمّار بن ياسر ومن تبناه الرسول "ص" زيد بن حارثة، وكذلك كان الخلفاء عثمان بن عفان وعمر بن الخطاب وعلي بن ابي طالب، فلا يختلف استخدام "بن" من قبيلة الى قبيلة او قوم الى قوم أو وضع الى وضع في ذات الدولة الاسلامية العربية كونها ثقافة عامة. ولم تسد تلك الثقافة فقط في العربية بل حتى لدى جارتها فملك الفرس كان يسمى كسرى بن أنوشروان، نظرا لتقارب الثقافتين العربية والفارسية. وعندما أنشأ الرسول "ص" مدينة الاسلام ووضع وثيقة المدينة كان اكبر المنافقين الذين عرفهم التاريخ فيها يسمى أيضا عبدالله بن ابي بن سول، بل وحتى من سكن المدينة من اليهود تطبع بتقاليدهم وسمي بطريقتهم امثال: حيي بن أخطب والذي تزوج النبي "ص" ابنته، وكعب بن الاشرف. وعندما امتدت الدولة الاسلامية الأموية والعباسية استمر التعامل بذات المنوال. وعلى العكس من ذلك ستجد انه في الثقافة المسيحية او الغربية يتم النسب الى عائلة الزوج ليس لدى المسيحيين فحسب بل حتى العرب الذين عاشوا بينهم إذ تطبعوا بطبعهم وتعاملوا بتعاملاتهم وتقاليدهم لذلك تحمل المرأة اسم عائلة زوجها وليس اسم عائلتها. الحديث هنا إذاً عن حقوق تاريخية وليست حقوق مكتسبة، عن موروثات لثقافات مختلفة للشعوب وجزء لا يتجزأ من حياتهم وهي هنا إرث عربي ثقافي وتاريخي وهذا من باب الفخر بالثقافة والهوية العربية والمحافظة عليها وليس من باب التفاخر بالأنساب. لذلك فالعرف والأصل في الثقافات أولى في التعامل به من الفرع لأنه جزء لا يتجزأ من الهوية العربية. شكر وتقدير: أتقدم بالشكر والتقدير لديوان المحاسبة على سرعة تفاعله مع ما طرح في مداد القلم حول مقال "منتجع الوكرة الصحي... ينتظركم" والذي يدل على اهتمامه الكبير بما يطرح في وسائل الإعلام. وودت التنويه بالخطأ الكبير الذي ورد في رد ديوان المحاسبة حول تدوينهم عنوان مقالتي السابقة ب"هيئة فساد أم...." اذ ان عنوانه هو "هيئة مكافحة فساد ام علاقات عامة ومؤتمرات....؟ " وليس "هيئة فساد " فالمعنيان مختلفان تماما ولا يغيبان على اكبر جهة تدقيق في الدولة التي خذلها فيه تدقيقّ بسيطٌ. وللوقوف على اطلاع الكاتبة ومعرفتها الدقيقة بالفرق بين مهام كل من "هيئة الرقابة الإدارية والشفافية وديوان المحاسبة" أحيلكم تكرما على مقالين نشرا لي في مداد القلم حول الهيئة منذ صدور قرار إنشائها نوفمير 2011 على الروابط كالتالي: الاثنين 5 /12 /2011 مُحارَبَة الفَسَاد واجبٌ وطنيٌ الاثنين 9 يناير 2012 ثورة قطرية غير بوليسية ضد الفساد مع أطيب الأمنيات بإجازة سعيدة للجميع....