14 سبتمبر 2025

تسجيل

المسجد ودوره في إحياء الأمة

17 يونيو 2011

نريد الارتقاء بمكانة خطيب الجمعة نريدهم مبشرين بالرحمة والحياة الآخرة بعض المشتغلين بالإمامة في المسجد واعتلاء المنابر لأداء خطبة الجمعة يعترضون على أهل القلم عندما يتناولون شأنا دينيا أو دنيويا له علاقة بالمسجد وخطباء الجمعة وكأنهم يعتقدون بأن تناول المسائل الدينية والسلوك عند المسلمين والأئمة منهم على وجه الخصوص تقع في اختصاصهم ولا يجوز لسواهم تناول الموضوع بأي طريقة كانت. كتبت قبل فترة من الزمن دعوة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للاهتمام العالي بمكانة إمام المسجد، فيجب أن يرتدي المشلح " البشت " ويتزين بأجمل أنواع العطور ليميزه عن غيره من الناس مظهريا إلى جانب علمه ويضفي إليه مهابة القيادة، وكنت طالبت الجهات المسؤولة في هذا المجال بأن تكرم الإمام مالا ومكانة ومظهرا، وبدلات مالية للتزين والتطيب فلا يجوز أن يكون راتب إمام المسجد ومؤذنه في أدنى سلم المرتبات. إن انشغال الإمام بالبحث عن تحسين وضعه المالي ليستطيع الاستجابة لمطالب أسرته حتما ستلهيه عن البحث في علوم الإسلام الأمر الذي يجعله يعتلي المنبر وهو يردد أقوالا لم تعد تتناسب ومتطلبات العصر والتصدي لأعداء ديننا الحنيف بالشرح والتحليل. مع الأسف الشديد إن أئمة المساجد لم ينالوا مكانتهم إلا في صدر الإسلام، أما اليوم فإن إمام المسجد يتعامل معه على أساس أنه موظف في أدنى الحلقات الوظيفية، فمنزله الذي يسكنه إلى جوار المسجد لا يليق بإمام يحفظ كتاب الله عن ظهر قلب، ولا يستطيع أن يستقبل فيه ضيفا أو يجعله مكانا يجتمع فيه مع رواد مسجده لتقوية العلاقة بين الإمام ورواد المسجد لمصلحة المجتمع والدين والدولة، ولا تستطيع زوجته أن تستقبل يوم العيد نساء الحي اللاتي تصلين بعض الفروض مع الإمام وكذلك رائدات المسجد في رمضان. قد يقول قائل إن معظم الأمة ليست عربا ولكنهم يجيدون التلاوة ويحفظون القرآن فقط، وبالتالي لا يحتاجون إلى منزل فسيح، وهذا في تقديري " خطأ جلل " كيف يكون أئمتنا ليسوا من العرب، فمخارج الأحرف العربية ليست بالسهلة عليهم الأمر الذي يشوش على فهمنا للقرآن، ولا أريد أن أضرب أمثلة على ذلك إلى جانب أن إمام المسجد مرجع لأمور ديننا الحنيف في أبسط صورها، فما الحكم لو أراد أحد المصلين أن يستفسر عن موضوع يتعلق بأبسط قواعد الإسلام من إمام لا يعرف أنه لا يعرف اللغة العربية ثم يفاجأ بتلك الواقعة. ثار جدل فقهي بين الإمام مالك والإمام أبو حنيفة رحمهما الله في شأن الإمامة لكنهما اتفقا بأن الإمامة لا تكون إلا لعربي (أجمع الإمامان أنها تكون في قريش، أما اختلافهما فكان من قريش). كان المسجد في صدر الإسلام مدرسة يتعلم الناس فيه أمور دينهم ودنياهم، ويتدارسون حال الأمة، كان مركز تثقيف وتنشئة للناشئة من الشباب مبشرا ومنبها ونذيرا، كان مجلسا يجتمع فيه الناس للنظر في أمور حياتهم وإيجاد حلول لمسائلهم الخلافية، كان رابط ألفة بين الناس وتقوية العلاقات فيما بين أفراد المجتمع، كان رواد المسجد يتفقدون بعضهم بعض فإذا غاب أحدهم بادروا بالسؤال عنه فإن كان مريضا عادوه، وإن كان مسافرا واصلوا أسرته وبروا بها في غيابه. المسجد اليوم فقد معظم صفاته، فقد صفة التواد والتراحم التي كانت سائدة، الكثير من رواد المسجد لا يعرف اسم إمامه ولا صلة له به، بعض خطباء مساجد الجمعة لا يجدّ في البحث من أجل إعداد خطبته لأنه كما قلت مشغولا بتحسين وضعه المادي، تأتي خطبهم خالية إلا من التهديد والوعيد بيوم القيامة إلى الحد الذي يغلق بعضهم أبواب رحمة الله. آخر القول: نريد أن نرتقي بالمسجد ودوره، نريد الارتقاء بمكانة إمام المسجد وخطيب الجمعة نريدهم مبشرين بالرحمة والحياة الآخرة لمن عمل عملا صالحا وأتقنه.