12 سبتمبر 2025
تسجيلبالأمس دار نقاش قصير و(لطيف) بيني وبين صديقة بريطانية كنت قد تعرفت عليها منذ أكثر من ست سنوات في دورة تدريبية باللغة الإنجليزية في جامعة شمال الأطلنطي في قطر ونمت بيننا صداقة طيبة تعرفت خلالها على قطر من خلالي بما أنها كانت مقيمة جديدة فيها آنذاك بينما زادت معرفتي بطبائع الإنجليز من خلالها إضافة إلى تبادلنا معلومات مختلفة فيما يخص العرب عموما ولكننا بالأمس تطرقنا لأول مرة إلى الحرب الروسية الأوكرانية القائمة منذ أواخر شهر فبراير الماضي من العام الجاري والتي لا يُعرف متى تتوقف ويعود الطرفان إلى طاولة الحوار كما هي عادة (الأجانب) الذين تتوافق مصالحهم عادة وتغليب لغة الحوار والاتفاقيات على لغة الحروب والنزاعات وقد بدت صديقتي تتألم وهي تتحدث عن معاناة شعب أوكرانيا وأنها فقدت الاتصال بصديقة لها أوكرانية كانت تقطن أطراف العاصمة كييف منذ أن قرعت طبول الحرب الروسية في وسط أوكرانيا والحقيقة أنني تأثرت من اللغة التي تحدثت بها (سوزي) لا سيما في جزئية التشريد الذي تسببت به روسيا لملايين الأوكرانيين الذين وجدوا أنفسهم في ليلة وضحاها دون وطن ولا أرض ولا منزل ولا أمان ولا حاضر أو مستقبل لهم لولا أنني باغتها بسؤال: هل تعرفين اليوم ماذا كنت أعني حينما أتكلم عن شتات أهل فلسطين واحتلال إسرائيل لوطنهم ؟! لتسكت المسكينة وقد تعجبت كيف انتقلت من خانة الدفاع إلى وضعية الهجوم الذي لم يقف عند انتظار جواب لهذا السؤال بل إنني وجدت الفرصة مواتية لأفضفض عن مكنونات نفسي المتألمة أيضا من وضع الفلسطينيين الذين هجرتهم إسرائيل بعد أن سلبتهم وطنهم بفضل وعد بلفور البريطاني الذي لا يمكن لسوزي وغيرها أن ينأى بنفسه عن مسؤوليته الأولى في تغلغل الإسرائيليين في عمق الأمة العربية فأخبرتها أن الوضع قد يبدو مشابها بين الفلسطينيين والأوكرانيين لكنه مختلف جدا وليس كما تظنين يا صديقتي فالشعب الأوكراني هو بنظر العالم الأوروبي وبريطانيا وأمريكا والمجتمع الدولي وحتى من العرب أنفسهم شعب مظلوم وقعت عليه الحرب دون وجه حق ولذا فتح العالم بكل حدوده البرية والجوية والمائية لهؤلاء المشردين فاستقبلتهم أوروبا بالأحضان والعالم بالتودد والود والتعاطف واعتبرت روسيا بلدا محتلا وغازيا وعنيفا وقاسيا بينما في المقابل وجد الفلسطينييون أنفسهم ملزمين بالاعتراف بدولة داخل دولتهم وباقتسام أرضهم وحقولهم ومزارعهم وانتزاع ملكية منازلهم وقراهم وقدسهم ومسجدهم وشواطئهم لصالح إسرائيل ووجد تهجيرهم وغرس الشتات فيهم ثقافة يجب أن تعمم بين الفلسطينيين ورغم وصفهم باللاجئين إلا أنهم لم يلقوا ما يخفف عنهم معنى اللجوء كما حدث مع الأوكرانيين ولكنهم وجدوا أنفسهم معلقين في الحدود ما بين وبين يسكنون خياما بالية التي لا تمنع صيفا حارقا ولا تحمي من برد قارس يأكلون فتاتا وقد خُصصت لهم الملايين من الأموال لمساعدتهم فلا عُرف أين ذهب المال ولم يُعرف كيف يأكل اللاجئون الفلسطينيون ما يعينهم على البقاء أحياء وسط هذه الظروف لذا لا تخبريني يا سوزي كيف يتشابه الأوكرانيون مع الفلسطينيين الذين جاورهم سوريون وعرب يعانون هم أيضا من الشتات والفقر والعوز والحاجة إلى وطن ومنزل وحياة وعمل وأمن ؟! فكيف يتشابه هؤلاء بأولئك وبينهما فروق مثل التي بين السماء والأرض وأولها أن شعب أوكرانيا معترف بحقه بينما لا يزال الفلسطينيون والسوريون وغيرهم يناضلون لأجل الاعتراف بحقهم فهل يتساوون ؟!. عزيزتي سوزي قد فتحتِ جراحا عربية لا تعد ولا تحصى لمجرد جرحك الواحد لما يحدث في أوكرانيا!. [email protected] @ebtesam777