11 سبتمبر 2025

تسجيل

أميركا وأخواتها

17 مايو 2021

متى سيكون لبنان بخير؟، عندما تسأل هذا السؤال لمُحللين سياسيين محسوبين على هذا الحزب أو ذاك، تأتيك الإجابة على الشكل التالي: سيكون لبنان بخير عندما تكون سوريا وفلسطين والعراق بخير، غالباً ما نسمع ذلك في مسابقات ملكات جمال العالم وهنّ يُنشدن السلام العالمي من أجل الفوز بالتاج الملكيّ. هذا السلام يراه "الممانعون" في بقعة جغرافية واحدة لا تشمل المنطقة العربية كافة بل تقع صدفةً على امتداد التطلعات الإقليمية في المنطقة، وذلك على الرغم أننا درسنا في المدارس الرسمية والجامعة الوطنية أن لبنان يحدّه من الجنوب فلسطين المحتلة ومن الشمال والشرق سوريا، وبالتالي من الطبيعي أن أكون بخير إذا كان جيراني بخير، ولكنّ لماذا العراق دون سواه؟ الجواب لأنه "ممانع"، طيب ماذا عن دول الخليج وموريتانيا مثلاً والصومال ومصر والأردن؟ أليسوا دولاً عربية؟، ألم ينص الدستور اللبناني على أن لبنان بلدٌ عربيّ الهوية والانتماء؟، وبالتالي من المفترض أنه عندما تكون الدول العربية بخير سيكون لبنان بخير، أعضاء في جسد عربيّ واحد إذا اشتكى عضو تداعت له كافة الأعضاء. كنّا نحسبُ كلبنانيين أننا العينُ أو القلب أو الدماغ في الجسم العربي على أساس أن هجرة الأدمغة تخصصنا، لكنّ الإجابة أعلاه توضح أن العضو الذي يُمثلنا بُتر منذ الثمانينيات وأصبحنا توابل عطرية في طبق "الكفتة التبريزي". من طبق الكفتة في شهر رمضان المبارك إلى "غزل العيد" الصادر من طهران إلى الرياض، حيث رحبّت إيران بالحوار مع السعودية والدخول في فصل جديد من التفاعل بين القوتين الإقليميتين لتحقيق الاستقرار، القوى الإقليمية تتحاور والشعوب المذهبية تتناحر. التناحر أيضاً من شيم بعض الإعلاميين - الذين بدلاً من تركيزهم على الخلافات في الداخل الإسرائيلي ورصد نظريات المفكرين الإسرائيليين الداعية إلى تغيير "ستاتيكو" الحالي في فلسطين ومكافحة الحكومة الإسرائيلية من أجل البقاء وتوقيت للأحداث الدامية وأهدافها، والحديث عن قوات دولية جديدة، يُزايد هؤلاء على بعضهم البعض حول ارتفاع عدد المشاهدين، وإصابة مكاتبنا ومكاتبهم، وبكاء مذيعتنا ومراسلهم، والعراضات الإعلامية تنفيذاً لأجندة المُمولين الراغبين بإثبات دعمهم للقضية الفلسطينية ومحاولة كسب شروط أفضل في عملية التطبيع أو التسوية المرتقبة الآتية وتبرئة ذمتهم أمام شعوبهم. الشعوب سعيدة باكتساح قضية فلسطين مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يثير ظهور الحسابات الموثقة فجأة التساؤلات، كذلك حال حسابات ومنصات رسمية عربية وأجنبية تشعرك لوهلة أن العالم اكتشف اليوم القضية الفلسطينية، ناهيك عن أطفال يظهرون أمام الكاميرات متحدثين اللغة الإنجليزية بطلاقة قائلين: "أنا طفل أريد أن أتعلّم، ومن حقّي أن أعيش في منزل، وأريد أن أكون طبيباً وأنا عاجز عن تحقيق حلمي"، نقول لمن يُلقّن الأطفال حقوقهم من أجل التصوير، لا تسلبوا القضية عفّتها لأجل أن تفوزوا بجوائز سينمائية. فيلم كوفيد - 19 السينمائي الضخم على وشك النهاية مع إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن تخفيف ارتداء الكمامة والسماح للأشخاص "الملقحين" بعدم ارتدائها في معظم الأماكن المغلقة واصفاً تلك الخطوة بـ"اليوم العظيم"، شكراً لك فخامة الرئيس على السماح لنا بالتنفس بشقّ الأنفس. الأنفاس شهقت مع هبوط الروبوت الصيني الملقب بـ "إله النار" على سطح المريخ، في إنجاز اعتبرته الحكومة الصينية دفعة دبلوماسية هائلة وتعزيزاً لشرعية الحزب الشيوعي الصيني، وبهذا الإنجاز تكون الصين الدولة الثانية بعد أميركا التي نجحت في ذلك دوناً عن كلّ الدول.. فيروس الخفافيش، وصاروخ تائه، وهبوط "إله النار" على المريخ.. نلبس الكمّامة وننبطح ونجهّز الطفاية. من المريخ إلى روسيا حيث صادقت الحكومة الروسية على قائمة الدول الأجنبية غير الصديقة وتضم حالياً فقط أميركا والتشيك، والسؤال عندما نقول أميركا يعني أميركا وأخواتها؟ أو بس واشنطن "دي سي"!.