01 نوفمبر 2025
تسجيلتقدم هاشمي رافسنجاني لخوض معركة الرئاسة الإيرانية ليس تعبيرا عن وقائع ومجريات الحراك الداخلي بين القوى والتيارات السياسية الإيرانية فقط، بل هو رسالة تفاوض مع الغرب وربما المحيط العربي أيضاً. لقد وافق المرشد الإيراني علي خامنئي على ترشيح رافسنجاني، الذي اشترط موافقته لكي يترشح، فجاءت الموافقة وكأنها قرار بتوجيه رسالة للغرب والعرب يقول فيها خامنئي، إنه جاهز لتغيير السياسة الإيرانية من ذاك التشدد والتصلب الذي مثله أحمدي نجاد، إلى تلك الحالة البراجماتية التي يمثلها رافسنجاني . موافقة المرشد على ترشيح رافسنجاني ترتبط باللحظة الصعبة التي تعيشها إيران التي تدرك الآن أن ما يجرى في سوريا وفي العراق قد أصبح معركة حقيقية ضد إيران ودورها ونفوذها في الإقليم . هذا الترشيح لرافسنجاني جاء على خلفيات أخرى أيضاً . فهو الوجه الأكثر حفاظا على الدولة الإيرانية الحالية وتوجهاتها بين القوى الإصلاحية، إذ هو يختلف عن كل الآخرين بأنه يتبنى رؤية الإصلاح من داخل الدولة لا من خلال الشارع مثلما جرى في الانتخابات الرئاسية السابقة – على يد الإصلاحيين الثوريين – إذ وصلت الاحتجاجات إلى حالة تهديد نظام الحكم في إيران، بربيع على غرار الحالة العربية، وكان خامنئي سمح بترشيح رافسنجاني للالتفاف على احتمالات توجه الناخب الإيراني ومنعه من الذهاب هذه المرة أيضاً نحو الإصلاحيين الثوريين، أي أنه تحرك في ذلك على طريقة مخرات السيول التي تصنع طريقا مسبقا للفيضان . وقد جاءت مطالبة نحو 100 عضو بالبرلمان الإيراني بمنع رافسنجاني الترشح، ضمن حزمة خطوات تحويل ترشيحه إلى حالة يلهث خلفها الإصلاحيون الثوريون، فضلا عن ما تعكسه من صراعات وخلافات حقيقية بين التيارين المحافظ والإصلاحي. ويبدو أن المرشد استهدف بترشيح رافسنجاني، توجيه رسالة مهمة للمحافظين المغالين في تشددهم حتى بات المرشد يتخوف من حالتهم ووضعيتهم على استقرار الدولة والنظام في إيران، قياسا على ما سبق أن اضطره إلى مواجهة أحمدي نجاد، حتى وصل الأمر إلى التهديد بعزل نجاد وتوجيه اتهامات جنائية له، بعدما خرج عن مقتضيات موقع هيمنة المرشد ذاته. السؤال المحوري في قضية رافسنجاني،هي ماذا لو فاز في الانتخابات الرئاسية القادمة، وماذا لو فاز غيره من المتشددين ؟. والأغلب أن سقوط رافسنجاني لن ينتج عنه حالة صراع متشدد وعنيف في الشارع الإيراني، كما جرى الحال بعد سقوط مرشح الإصلاحيين في الانتخابات السابقة في عام 2009، غير أن وضع الدولة الإيرانية في الإقليم وعلى الصعيد الدولي سيمضي في مسيرة المواجهة ويطورها لتصبح إيران في وضعية اشتباك سياسي واقتصادي وعسكري في الإقليم وعلى الصعيد العالمي، أعلى من قدرتها على احتماله وهو ما سيقوي احتمالات ربيع إيراني عنيف ردا على فقدان الجمهور الإيراني والدول الخارجية أي أمل في حدوث تغيير في إيران من داخل أطر الدولة القائمة (سقوط سيناريو التغيير بالآليات السلمية من داخل إيران). سقوط رافسنجاني أو حتى انسحابه هو رسالة للداخل الإيراني والعرب والغرب بالسير في طريق إسقاط النظام الإيراني من الخارج. أما إذا فاز رافسنجاني فالأمر سيختلف . فالرجل معلوم بميله إلى سياسات المساومة والتهدئة والمناورة مع المحيط العربي ومع الغرب خاصة، كما أن فوز الرجل سيعطي دفعة أمل للمواطن الإيراني في السير نحو تخفيف العقوبات الغربية وتخفيض مستوى الصراعات الخارجية وإعادة توزيع الميزانية الإيرانية للتركيز على تحسين أوضاع المواطنين الاقتصادية . كما الأغلب أن الإيرانيين سيرون في رئاسته وضعية إصلاح تدرجي تحسن أداء النظام الذي لا يشهد تجديدا فعليا منذ وقت طويل. الانتخابات الإيرانية فاصلة في تاريخ هذا البلد، وقد تجر إيران حسب وصف الكثير من الخبراء الإيرانيين إلى وضعية الكارثة، ويبقى الأمل بالنسبة لهم أن يأتي رافسنجاني ليجدد ويطيل عمر النظام ويصلح أخطاء نجاد.