30 أكتوبر 2025

تسجيل

هل التنمية حقٌّ للمرأة أم.. واجبٌ عليها؟

17 مايو 2012

لم يسأل أحد من علماء التربية والاجتماع والاقتصاد نفسه مرة: هل التنمية حق من حقوق المرأة يجب أن تتكفل به الدولة؟ أو.. هي واجب يتعين على كل امرأة – بحكم مواطنتها – أن تنهض بأعبائه؟ إن لدينا فائضا ضخما من كتابات تبدأ وتنتهي في حديثها عن التنمية من كونها مفهوما شاملا يتسع لجميع مجالات الحياة، وتتعدد أبعادها فهي لا تقتصر على التنمية الاقتصادية، وإنما تمتد لتشمل الجوانب الاجتماعية والسياسية والثقافية للتنمية والتنمية لا تتحقق فقط بتنمية الموارد الطبيعية وزيادة الإنتاج، وإنما تمتد لتشمل الموارد البشرية، فالإنسان عماد التنمية وهدفها وبدونه يستحيل تحقيق الشق الاقتصادي من التنمية. ومن هنا فقد ظل مفهوم التنمية – لفترة طويلة يعني نموا متوسطا لدخل الفرد، أو لزيادة الدخل0 ثم تطور هذا المفهوم وأصبح يعني: التغيير المقصود والمنظم بهدف الوصول بالمجتمع إلى المستوى الأمثل للإنتاج باستغلال موارده الطبيعية وطاقاته البشرية، وإشباع الحاجات الأساسية للإفراد ورفع مستوى معيشتهم وقدراتهم على المشاركة 0 وبذلك اتسع مفهوم التنمية ليشمل نوعية الحياة التي يستطيع أن يحياها البشر. وأصبحت التنمية البشرية تعنى بأمرين مرتبطين: أولهما، تدعيم القدرات البشرية من خلال الاستثمار في البشر أنفسهم (التعليم، والصحة، والثقافة العامة ...) لتطوير إنتاجهم وقدراتهم الإبداعية الخلاقة، وثانيهما: تأمين الاستخدام الكامل والكفء لهذه القدرات في إطار واسع من العدالة والمساواة في الفرص والاختيارات بين كافة أبناء المجتمع، وفي كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وتزايد الاهتمام العالمي بقضايا تنمية المرأة باعتبارها جزءا لا ينفصم من المجتمع الإنساني، وشريكا في إنجاح عمليات التنمية. فمشاركة المرأة في مختلف مناحي الأنشطة المجتمعية تضيف مورداً بشريا يسهم في تقدم المجتمع. وقد أسهمت المؤتمرات العالمية في إلقاء الضوء على المعوقات التي تحول دون المشاركة التنموية للمرأة في مختلف الأنشطة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وكان لاشتراك مصر في هذه المؤتمرات أكبر الأثر في تزايد الاهتمام المجتمعي بقضايا تمكين المرأة، وتعظيم مشاركتها التنموية في مختلف مجالات الحياة وتبني القيادة السياسية قضية إدماج المرأة في التنمية. وتم إدراج مكون المرأة ضمن الخطط الخمسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتبارها الشريك الأساسي والمتكافئ مع الرجل في تحمل المسؤولية والأعباء بكافة إبعادها وجني ثمارها. ومع الاعتراف بالجهود العلمية لتلك المؤتمرات، فلا مفر من الاعتراف بوجود تحديات تواجه مسيرة التنمية يعود بعضها إلى واقع البيئة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السائدة في بعض المجتمعات العربية، ويعود بعضها الآخر إلى الموقف السلبي للمرأة العربية نفسها بوجه خاص. ومن هنا يجب علينا ككتاب ومثقفين في رؤيتنا المستقبلية للتنمية البشرية لتحسين جودة الحياة أن نطرح التساؤل الذي وضعناه عنوانا لهذا المقال، لأننا إذا اعتبرنا التنمية حقا للمرأة فلابد لنا من المطالبة الدؤوب بضرورة توفير مكانة عادلة، ونصيب كاف من الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية وفرص لعمل للمرأة لتمكينها من إدارة شؤونها الخاصة، والمشاركة بفاعلية في المشروعات التنموية. الأمر الذي يستلزم ضرورة تعزيز الآليات المنوط بها مواجهة هذه التحديات خاصة ما يتعلق بتعبئة الموارد البشرية، وإعادة تقييم دور المرأة العربية وتوظيف طاقاتها، وتعظيم قدراتها ووضعها في مكانها الصحيح على خريطة العمل والمشاركة لتمكينها من مواجهة هذه التحديات والمساهمة بفاعلية في تحقيق التنمية. وفي ضوء ما سبق يتعين طرح الأسئلة التالية: - ما واقع تمكين المرأة العربية في مجالات الحياة المختلفة (اقتصاديا. واجتماعيا. وثقافيا. وسياسيا) في ضوء مشاركاتها التنموية؟ - ما التحديات التي تواجه تمكين المرأة العربية وتحول دون تفعيل وتعزيز مشاركاتها التنموية؟ - ما الإستراتيجية المجتمعية المقترح طرحها في كل دولة عربية لتمكين المرأة وتفعيل مشاركتها التنموية؟ إن وضع إجابات للتساؤلات السابقة من شأنه إلقاء الضوء على مشكلات المرأة التي تعرقل مسيرتها التنموية في كثير من المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. من ناحية ومن ناحية أخرى يتوجب النظر في وضع الخطط والسياسات والبرامج الرامية إلى تنمية قدرات المرأة. ومساندتها في التغلب على المعوقات التي تحد من مشاركتها بفاعلية في المشروعات التنموية مما يحقق الاستغلال الأمثل للموارد والطاقات البشرية من القوى العاملة، ويعظم نواتج قوة العمل. لاسيَّما مع حلول قرن جديد يحمل الكثير من المتغيرات والتحديات العالمية والإقليمية والمحلية التي تهدد انعكاساتها السلبية مسيرة التنمية - في الوقت – الذي يسعى فيه المجتمع العربي للانطلاق نحو أهدافه التنموية.