16 سبتمبر 2025
تسجيلتجتاح دول مجلس التعاون الخليجي حالة توتر سياسي وقلق أمني منقطع النظير نظرا للظروف السياسية التي تجتاح معظم العواصم العربية منذ مطلع هذا العام الأمر الذي أدى ببعض قادتها إلى التخبط في اتخاذ قرارات ومبادرات سياسية متناقضة وغير مجدية، فالمبادرة الخليجية على سبيل المثال لحل الإشكال المتصاعد في اليمن بين الشعب والحكومة لم تجد مقبولا بها حتى من الرئيس الذي حاولت المبادرة إضفاء الشرعية على نظامه بعد أن سقطت شرعيته بخروج الشعب عن طاعته. هنا كان واضح الارتجال وعدم المعرفة الواقع اليمني وعلى ذلك فشلت تلك المبادرة رغم تعديلاتها المتناقضة أيضا، وهذا يدلل على أن مجلس التعاون بلا إستراتيجية لمواجهة المتغيرات المحيطة به أو قضاياه الداخلية، سألت مسؤولا خليجيا عندما كنت في زيارة لدولة خليجية ما هي البدائل عندكم لو رفضت مبادراتكم بشأن اليمن كان رده " لكل حادث حديث " أي أنهم بلا بدائل وهذا فشل سياسي غير مبرر. الأمر الثاني دعوة كل من المغرب والأردن للانضمام إلى " منظومة مجلس التعاون الخليجي " قد أتفهم موضوع وأهمية النظام الأردني لمجلس التعاون فهناك حدود مشتركة، وقبائل عربية متداخلة، والدوائر الأمنية الأردنية كانت هي المنظم والمدرب والمشرف على إعداد المؤسسات الأمنية في معظم دول المجلس، لكن فات المقترحين لدعوة الأردن أن فيه دستورا وأحزابا ونقابات ومنظمات مجتمع مدني وبرلمانا منتخبا صحيح أن النظام يستطيع تزوير الانتخابات ويأتي بمن يريد للبرلمان ويشكل الحكومة التي يختار رئيسها بعناية وغالبا ما يكون من جهاز المخابرات، لكن هناك مطالب شعبية ونخبوية متصاعدة تطالب بمملكة دستورية في الوقت الذي تنعدم هذه المؤسسات في دول المجلس إلا في البحرين والكويت وأمرهما غير محتمل لا في داخل هذه الدول ولا في بعض الدول الخليجية، والمطالبة بمملكات أو إمارات دستورية يعتبر هذا المطلب من الخطوط الحمراء سيتعرض من يطرحها للرأي العام للمساءلة والملاحقة. صحيح أن الأردن يمر بأزمات اقتصادية ويعتقد أن حل أزمته تلك تكمن في انتسابه "لنادي الأغنياء " مجلس التعاون، وأنه معرض لأزمات سياسية تتعلق بالشأن الفلسطيني أيا كانت الحلول ويرى أن مجاله الحيوي للتعويض هو الخليج خاصة السعودية. قبل كل شيء فإني من دعاة توسيع عضوية مجلس التعاون وقد تناولت ذلك المشروع في دراسة نشرت عام 1998، وكانت أولويتي في ذلك الزمان انضمام كل من العراق واليمن، ثم مصر وسوريا والأردن، واليوم فإني أرحب بانضمام الأردن ولكني لا أسقط حق اليمن والعراق عندما يتغير نظاماهما الأولى بسقوط نظام صالح والثانية العراق بتحرره من الاحتلالين.لكن في الوقت الراهن لماذا لا تشرع دول مجلس التعاون قانونا يعطي الأولوية للعمالة الأردنية بكل كوادرها، وتسمح هذه الدول بحرية حركة هذه العمالة بين دول المجلس، وكذلك اليمن عند استرداد عافيته. لماذا لا تشرع دول المجلس إعطاء الدول العربية حصصا في منح بعض المقيمين الجنسية الخليجية بمعدلات سنوية لتضمن الأمن والاستقرار وتعديل التركيبة السكانية لصالح دول المجلس وهذه الحصص معمول بها في دول العالم. ومع الأسف فإن الدول الخليجية تطمئن على استثماراتها في بعض الدول العربية ولكنها لا تطمئن على استخدام اليد العاملة من تلك الدول في دول المجلس وهذا عيب مخل. الأمر الثالث: لم أفهم دعوة المملكة المغربية للانضمام إلى عضوية المجلس فكلنا نعرف أن المجال الحيوي للمملكة المغربية هو المغرب العربي، وتطلعاته نحو أوروبا، ونعرف أن في المغرب حراكا سياسيا نشطا لا تتحمل عدواه (المحببة لنا) معظم حكومات الخليج، وأن العمالة المغربية لا تتحمل الثقافة الاجتماعية عندنا ولا تتحمل طبائعنا وكذلك المناخ، نعرف أن بعض حكام الخليج اعتادوا إدارة دولهم من الأراضي المغربية بمعنى أنهم اعتبروا المغرب العاصمة الثانية لدولهم وأصدر بعضهم من المغرب مراسيم سيادية إبان إقامتهم هناك لكن تلك المراسيم السيادية قوبلت بالرفض قانونيا لأن المراسيم السيادية يجب أن تصدر من عاصمة الدولة الأمر الذي أدى إلى تجميد تلك المراسيم. يجمع المراقبون على أن هذه الخطوة الخليجية هي خطوة تحسبا لقادم الأيام التي يمكن أن يحل بالمنطقة ما يحل باليمن وسوريا اليوم لا سمح الله. فهي خطوة استباقية أمنية لبقاء النظم على ما هي عليه اليوم بالاستعانة بقوى من المغرب والأردن. والرأي عندي أن أمن الخليج وبقاء دوله هو الالتفات إلى الداخل وإجراء إصلاحات فورية على كل الصعد، والقضاء على الفساد والاستبداد والاحتكار واعتماد نظام الحصص السنوية في منح جنسية دول الخليج للعرب من ذوي الكفاءات والمهارات فهم الضامن لأمن الخليج العربي وليس كتائب " بلاك ووتر " سيئة الصيت أو استئجار جيوش من الخارج كل ذلك يجب أن يتم قبل أن تهب علينا أعاصير الصيف فهي محرقة.