11 سبتمبر 2025
تسجيلالمتتبع لما جرى بين إيران وإسرائيل يذكرني بلقاء تلفزيوني قديم لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قبل أن يُخلع من منصبه ثم يعود حينما سأله المذيع من أكثر دولة ترى أنها عدوة حقيقية لإسرائيل ليجيب النتن بثقة: إيران أولا ثم إيران ثانيا ثم إيران ثالثا وسط اندهاش متصاعد على ملامح المذيع الذي كان متعجبا من هذا الرد الفوري الذي يرى فعلا في إيران القوة التي يمكن أن تهدد الكيان المحتل وبهذه الصورة التي عبر عنها رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي بدا متخوفا من طهران وبالتالي استطاعت إسرائيل أن تجر أنظار الولايات المتحدة والغرب عموما وبعض العرب حقيقة إلى خطر التواجد الإيراني ليس على إسرائيل فحسب وإنما على المنطقة ككل وباتت إيران واقعة تحت ثقل عقوبات أمريكية وطيدة وتأخذ أغلب الدول حيطتها منها مع تزايد أزمة البرنامج النووي الإيراني التي أدخلتها في دائرة شك مع أوروبا التي رأت أن طهران لا تبدو على درجة كبيرة من المصداقية فيه وهذا ليس موضوعي اليوم حقيقة، وإنما ما كان مؤخرا بعد أن عمدت إيران إلى إطلاق عدد من المسيرات الهجومية نحو إسرائيل أو لنقل الأراضي الفلسطينية المحتلة في أول هجوم مباشر على الإسرائيليين منذ آخر هجوم صواريخ أطلقته العراق عليهم في 18 يناير من عام 1991 تمركز آنذاك في النقب وميناء حيفا وتل أبيب لكن هذه المسيرات لم تؤت أُكلها في شيء بعد أن اخترقت أجواء الأردن التي أسقطت عددا منها داخل أراضيها. ويبقى السؤال الذي لا يزال يبحث عن إجابة وهو: لماذا لم تتجاوب الشعوب العربية مع المسيرات الإيرانية التي أطلقتها طهران باتجاه إسرائيل ؟! لماذا لم يهلل العرب ويكبروا لهذا الهجوم الذي أفزع الإسرائيليين وجعلهم يلوذون في مخابئهم من الهجمات الإيرانية التي تؤكد الخوف الإسرائيلي المتنامي تجاه إيران بأنها عدوتهم الأخطر عليهم؟! ولم اعتبر كثيرون بأن هذه مسرحية إيرانية إسرائيلية لبعثرة أوراق الأحداث التي بدأت في السابع من أكتوبر من العام الماضي وإنها لم تشفِ القليل من غليلهم تجاه تل أبيب التي أوغلت لقواتها في قتل أهل غزة بالصورة المستمرة حتى الآن لدرجة أن البعض قد تندر من الهجمات الإيرانية باعتبارها تضاهي أفلام بوليوود مبالغة وخيالا ؟! وكلها أسئلة من السهل فعلا الرد والإجابة عليها لأن كل هذه الهجمات التي وصفت بالكرتونية لم تفعل شيئا ولم تكن الرد المناسب لكل جرائم ومذابح إسرائيل في غزة التي ترتكبها منذ شهور طويلة ولسنا في حال يمكننا أن نبارك هجمات رأت بعض الدول العربية أنها غير مبررة ودعت لضبط النفس كما كان ذلك تصريح الخارجية المصرية بهذا الشأن لأن ما يجري في القطاع المحاصر والمحارب أكبر من أن يكون الرد عليه بهذه الصورة الفردية من جانب إيران وحدها التي لا نعلم مبرراتها أيضا تجاه هذا الفعل الذي تفاخرت به بينما على الجانب الإسرائيلي فقد استصغرته تل أبيب وقالت إنه لم يلحق أي ضرر بشري أو مادي يمكن أن يُذكر لكن الواقع وما هو مؤكد أن إسرائيل لاقت تعاطفا أمريكيا وغربيا كبيرا وهذا هو المتوقع من جانب يغض الطرف عن كل الجرائم الدموية الشنيعة الإسرائيلية المرتكبة بحق أطفال ونساء وشيوخ وسكان غزة ويتعاطف مع المجرم لا الضحية، ويرى إسرائيل اليوم أنها تعرضت لتجربة مخيفة من الإرهاب الإيراني الذي تحذر منه دائما، وفي المقابل فالعرب هم من التزموا صمتا مريبا يعطي الحق ضمنيا لإسرائيل وربما انتقد طهران على فعلتها غير المدروسة!