11 سبتمبر 2025
تسجيلفي ظل التطور التكنولوجي الهائل، وعوامل الجذب المتعددة، والألعاب الإلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة، وغيرها من المستحدثات التي أصبحت جزءًا من ثقافتنا العربية، أصبح الكتاب الورقي بعيدًا عن اهتمامات الجيل الجديد، وأصبحت القراءة تحدياً كبيراً يواجه الأسر والمؤسسات التربوية والمجتمعات في عالمنا العربي على حدٍ سواء. لذلك لطالما تراودنا هذه التساؤلات، كيف نُحبب هذا الجيل الجديد في القراءة وحب الاطلاع؟ وكيف نُعيد للكتاب رونقه وبهاءه باعتباره رافدا من روافد المعرفة، وأداة للتعليم والتعلم؟ وكيف نجعل القراءة أسلوب حياة وليس هواية؟ أعتقد أن تحبيب الجيل الجديد في القراءة يقع على عاتق عدة أطراف، وهي الأسرة والمجتمع والمؤسسات التربوية والإعلامية. فالأسرة تملك أن تبدأ مع الطفل في القراءة من سنّ مبكرة وأعلم أن ذلك يواجه صعوبات في ظل هيمنة الأجهزة الحديثة وما تحتويه من ملهيات وألعاب للطفل، ولكن من الممكن قيام الأب والأم بالقراءة أمام الطفل، فيكتسب عادة القراءة، وأن يخصصا مكاناً هادئاً جذاباً بالمنزل للقراءة والاطلاع، وتكون به مكتبة تحتوي على مجموعة من الكتب المشوقة والمتنوعة، والتي تتناسب مع مراحل عمره المختلفة، وفي نهاية الأسبوع يمكن أن يصطحبا الأبناء إلى المكتبات العامة، وبالتالي يتم غرس حب القراءة والاطلاع فيهم، مع مراعاة شديدة لعدم المبالغة في التوجيه حتى لا ينفروا من ذلك. وعلى المؤسسات التربوية في جميع مراحل التعليم المختلفة أن تقوم بتفعيل حصص المكتبة والمطالعة، وإجراء المسابقات الثقافية بشكل دوري على مدار العام الدراسي بين الطلاب، وإلقاء المحاضرات والندوات التي تشجع الطلاب على زيادة شغفهم نحو القراءة، وكيف أن القراءة تثري حياتنا. وأن تقوم بتشجيع الطلاب على البحث والتأليف، وتصميم الكتب الإلكترونية ويمكن أن تقوم بتوجيه الدعوة إلى بعض المؤلفين لزيارة المدرسة، لتعريف الطلاب بالقدوات في مجال القراءة والتأليف. كذلك يمكن أن تقوم هذه المؤسسات بعمل رحلات ثقافية متخصصة لزيارة المكتبات، ومعارض الكتب وتعريف هذا الجيل بجمال الكتب وكنوزها. ويجب الاهتمام بزيادة عدد المكتبات، والبيوت الثقافية في المدن والأحياء والقرى والنوادي، وإجراء المسابقات بين الأطفال والشباب في مجال القراءة، وتكريم القُراء المتميزين. ولكي نثير انتباه القارئ ونحفزه على القراءة، يجب الاهتمام بإعداد الكتاب، وأن يكون مرتبطاً باهتماماته، مع تنويع المحتوى، ما بين الكتب العلمية التي تثير الرغبة في الاستكشاف، وكتب التاريخ لأخذ العبر وفهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل، وكتب الروايات التي تغذي الخيال، والكتب المصورة التي تساعد على فهم الأفكار بسهولة، والكتب التفاعلية التي تثير فضول القارئ. وعلى المؤسسات الإعلامية الدور الكبير في تحبيب الناس بالقراءة، ومن ذلك حسب التجربة تفعيل دور الدراما العربية في تجسيد الحوادث التاريخية في شكل مسلسلات مشوقة وأداء درامي متميز وسيناريو احترافي جميل كما حصل مثلا مع مسلسلات المرحوم حاتم علي وكتابات د. وليد سيف وعلى رأسها مسلسل عمر بن الخطاب الذي أحدث حسب قراءتي نقلة نوعية في اهتمام جيل الأيباد بالسيرة النبوية وغيرها من الأحداث التاريخية. في النهاية، ما علينا إلا أن نصبر على هذا الجيل الجديد، ونشجعه على القراءة بشتى الوسائل، حتى نمكنه من اكتشاف عالم الإبداع والمعرفة.٫