13 سبتمبر 2025
تسجيلأظلتنا أعظم عشر ليال في الدنيا، نشكره سبحانه وتعالى على بلوغها. هذه العشر لمن يفهم عظمتها هي بمثابة سوق عظيمة للتجار الذين يبحثون عن تجارة رابحة مع رب العالمين. تجارة يتنافس فيها الصالحون والعابدون، فالأعمال بالخواتيم. فاجمع قلبك عزيزي القارئ لتصل إلى رب العالمين باغتنام هذه العشر، لأن فيها ليلة خير من ألف شهر. وتذكر أن هذه السوق العظيمة سوف تنفض بعد أيام قلائل.الفوز في هذه العشر يتطلب أن تسأل الله تعالى أولاً العون على اغتنامها مقتدياً بسنة أفضل الخلق وتشكره على بلوغها. كونك أدركت هذه الأيام عليك أن تأخذ قرارات حاسمة في هذه الأيام المعدودات، فاجعل أنسك بالله تعالى، وابذل قصارى جهدك في إتقان الصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى. اجتنب المحرمات من غيبة ونميمة مروراً بالنظر المحرم وانتهاءً بفضول المباحات. تذكر أن الذي يعينك على ذلك هو أن يعكف قلبك على طاعة الله والخلوة به، وعلمك أن هذه العشر سوف تكون نوراً في صحائفك ونوراً في قلبك. من الأعمال الصالحة التي تنشغل بها في هذه الأيام التهليل والاستغفار، فالذنوب حجاب بينك وبين رؤية الحقائق، وبين فهم كلام الله وفهم حقيقة وجودك، وأنك في مرحلة اختبار وستغادر قريبا. من الأعمال المهمة التي تقوم بها، التوبة، فأظهر لربك أنك عازم على التوبة وعدم العودة للذنب، طالباً عفوه وعدم الخزي يوم يبعثون. من المهم أن تصلح قلبك، وأن تفتش في وجدانك إذا كان به شيء من عدم الرضا عن أقدار الله، أو حقد أو حسد لأحد من البشر. استغفر لذنبك وتذكر أن الدنيا دار ابتلاء وأن الآخرة هي دار الجزاء. تصدق بعرضك عمن ظلمك. تذكر أن هناك يوما تبعثر فيه القبور ويحصل به ما في الصدور. اشكر الله أنه أمد في عمرك لتدرك هذه الأيام، وتذكر نِعمه؛ نعمة نعمة، حتى تصل إلى الاعتراف، أنني لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. من الأعمال أن تظهر له أنك عاجز عن شكره، حتى لو نزلت بك المصائب، فكل مصيبة خير، وما يصيب المؤمن من نصب أو وصب فهو خير له، حتى تجد في قلبك الحمد لله. وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله وأننا لله وأننا إليه راجعون. فيشكر قلبك في النعماء ويصبر في البلاء، ويتوكل ويعتمد في الخوف. فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. وهذه نعمة تستحق الحمد. ادفع عن قلبك الشرور والأحقاد والباطل، واستعن بالله أن يقويك على هوى نفسك والشيطان. من العبادات المهمة في هذه العشر تصفية القلب من الضلال وتقويته بالإيمان وبعبادة الرجاء والإخلاص والاحتساب. من الأعمال الصالحة ترقب ليلة القدر، والدعاء ببلوغها، فهي أفضل من ألف شهر، فيها أنزل القرآن، من قامها إيمانا واحتسابا غفر له. من الأعمال في هذه الليالي أن تجتهد من بعد صلاة المغرب بالذكر والشكر وقراءة القرآن حتى مطلع الفجر، بقدر ما تستطيع، نوع بين أنواع العبادات، وافعل ما تستطيع من الطاعات. قلل من المباحات، محتسباً في ذلك، وكرر لا حول ولا قوة إلا بالله، وذكر نفسك دائما أن هذه الفرصة قد لا تتكرر. حدْسٌ وسلام كوني سوف يكون هناك حدس كوني في هذه الليالي، فيجب أن تكون على يقين أن هذه الليلة سينزل فيها أمين الوحي جبريل عليه السلام، كما ستنزل ملائكة عظيمة تضيق الأرض من كثرة عددهم. الملائكة تنتشر تبحث عن الصائمين المفطرين على ذكر رب العالمين، لترى عبادات لا تعرفها في السماء. عش حالة من الأنس مع الملائكة وأنت متيقن من نزولهم في هذه الليلة، ينزلون يقينا في هذه الليلة، ينزلون في بيتك وأنت تقرأ القرآن وجبريل معهم. فينشرح صدرك ويزيد إيمانك بنزول الملائكة الكرام. تذكر أن هذا يحدث مرة واحدة فقط كل عام، وسيحدث في هذه الليالي العشر. فلا تضيع على نفسك هذا الحدث الكوني من نزول الملائكة وعلى رأسهم أمين الوحي، فشوق نفسك لهذا الحدث، وانت تترقب كل ليلة نزولهم. فكلما غربت الشمس عن أرض تنزل الملائكة شيئا فشيئا حتى تملأ ما بين السماء والأرض، ليعم السلام الأرض، سلام من عقوبات الآثام ومغفرة الذنوب. سلام يعم الكون. يستمر هذا السلام الكوني حتى مطلع الفجر، فربنا السلام يسلم أهل هذه الليلة ويؤمنهم، فكيف لا نعرض أنفسنا لربنا السلام؟. اطلب عفو الله ومغفرته، وافعل ما أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم أمنا الطاهرة المطهرة بنت الصديق بأن تطلب العفو من الله فهو زمام الأمر.فالعاقل هو الذي يستطيع أن يستغل هذه السوق قبل أن تنفض، هذه السوق العظيمة ما زالت أبوابها مشرعة فهل من مشمر؟