15 سبتمبر 2025

تسجيل

عادة القرنقعوه ومحو هدفها

17 أبريل 2022

بالأمس احتفل اطفال الخليج بيوم القرنقعوه والذي يأتي في اليوم الرابع عشر من شهر رمضان والذي يحتفل به الأطفال ما بعد العصر كما كان في الماضي وحاليا في مناطق قطر الشمالية أو بعد التراويح. القرنقعوه عادة قديمة جدا كما يذكر لنا الآباء والأمهات حيث يبدأ الأطفال في زيارة بيوت الجيران والمعارف وهم يعلقون كيسا من القماش في رقبتهم لوضع ما يعطى لهم من الحلويات والمكسرات البسيطة التي كانت موجودة في تلك الحقبة من الزمن وهي عبارة عن الفول السوداني و(النقل ) والجوز واللوز والحمص الملبس بالحلوى وبعض أنواع الحلويات. كان الأطفال يتبارون في كمية ما يحصل كل واحد منهم على تلك الحلويات والمكسرات وكانت الفرحة تكسو وجوههم وهم يتلقون ذلك من يد الأمهات اللاتي وضعن الحلويات في (جفير ) يعني وعاء من الخوص. ظلت هذه العادة حتى يومنا هذا ولكن كل جيل أصبح يضيف لها بعض الأمور المستجدة التي تتواكب مع الوقت والزمن. وظهرت بعض الفتاوى أن عادة القرنقعوه عادة ليس من الإسلام في شيء وهي بدعة وأنكروا على الناس اتباعها والاحتفال بها. ولكن البعض منهم أفتى أنها عادة لا تدخل في مجال البدع ولا تمس الدين بشيء وإنما هي ترفيه للطفل وهو يردد النشيد الخاص بهذه الليلة. وهذه العادة تراثية الهدف منها ومن استمرارها إحياء الموروث الشعبي فيما يتعلق بشهر رمضان وتذكير الأطفال أن شهر رمضان شهر العطاء والبذل وتعليمهم ذلك. ولكن... الكل ينتبه لهذه (اللكن) لأن هذه العادة أصبحت تمثل ضغطا اقتصاديا على بعض الأسر وخاصة المحدودة الدخل وذلك لأنها تحولت إلى احتفالية كبيرة يحتفل فيها الكبار قبل الأطفال وتنفق المبالغ الكبيرة على تجهيز سلال القرنقعوه بل يتطلب البعض طلب أنواع مبتكرة من هذه السلال من خارج الدولة حتى تكون ما لديهم مميز عن غيرهم، وإرتداء الذهب للنساء والأطفال، وكثرت في هذه الليلة الهدايا المزينة بأنواع الحلويات والمكسرات واللعب وغيرها تهدى ليس للأطفال بل للكبار ووصلت أسعار بعض هذه السلال إلى آلاف الريالات، ناهيك على ما ينفق على شراء الملابس التراثية التى أصبح البعض من التجار يتفننون في تصميمها وبالتالي ارتفاع أسعارها، بل وأصبح البعض يتنافس مع غيرها في ابتكار أنواع من سلال القرنقعوه، وكثرت الولائم وامتلأت المرائب بما لذ وطاب من الطعام الذي قد لا يمس أغلبه ويذهب إلى صناديق القمامة - أعزكم الله - إلا من رحم ربي ممن يوزع على المحتاجين وغيرهم ومن هنا يبدأ مسمى (البدعة) الذي تم اضافته إلى هذه العادة الجميلة. لقد اختفى الهدف من هذه العادة وهي تجوال الأطفال في الأحياء وإنشاد النشيد لها، وأصبح الأطفال لا يهمهم ذلك كله ويلجؤون إلى الألعاب الالكترونية. ونأمل في الأعوام القادمة أن تعود تلك العادة إلى معناها الأصلي ويعرف الأطفال معناها ومغزاها ويمارسونها كما كانت حتى ولو برفقة والديهم خوفا عليهم حتى لا نصل إلى ابتكار بدعة سينالنا إثمها وإثم من تبعها.