15 سبتمبر 2025
تسجيلالسيد/ فلان الفلاني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد، أخي في الله إن كنت ممن يعرف شرع الله ومقاصد الشريعة وتؤدي حقوقك وحقوق عباد الله في ما تملك فهنيئاً لك، وجزاك الله كل خير ووفقك الله وبارك لك في مالك وعيالك، فأنا لست عالماً أو شيخاً أو حتى طالب علم لأقدم لك النصيح وأزايد عليك في دين الله. وإنما إن كنت غير ذلك فهلم معي لنذهب في نزهة سريعة في ربوع كتاب الله لنتعرف أكثر أو نتذكر ما وعد الله سبحانه وتعالى للمنفقين والمتصدقين. قال تعالى في الآية 265 في سورة البقرة ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾، يقول ابن كثير في تفسيره للآية: وهذا مثل المؤمنين المنفقين (أموالهم ابتغاء مرضاة الله) عنهم في ذلك (وتثبيتاً من أنفسهم) أي: وهم متحققون مثبتون أن الله سيجزيهم على ذلك أوفر الجزاء، ويتثبتون أين يضعون صدقاتهم. وقوله: (أصابها وابل) وهو المطر الشديد، (فآتت أكلها) أي: ثمرتها ضعفين أي: بالنسبة إلى غيرها من الجنان. (فإن لم يصبها وابل فطل) قال الضحاك: هو الرذاذ، وهو اللين من المطر. أي: هذه الجنة بهذه الربوة لا تمحل أبداً، لأنها إن لم يصبها وابل فطل، وأيا ما كان فهو كفايتها، وكذلك عمل المؤمن لا يبور أبداً، بل يتقبله الله ويكثره وينميه، كل عامل بحسبه، ولهذا قال: (والله بما تعملون بصير) أي: لا يخفى عليه من أعمال عباده شيء، وإنما هذا فيض من غيض مما وعده به الله سبحانه وتعالى للمنفقين في سبيله. وفي "الصحيحين" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة أكثرَ الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحبَّ أمواله إليه بَيْرَحاءُ وكانت مستقبلةً المسجدَ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب مِن ماءٍ فيها طيِّب، قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: 92، قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن الله "تبارك وتعالى" يقول: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾، وإن أحبَّ أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقةٌ لله، أرجو بِرَّها وذُخرها عند الله فضعْها يا رسولَ الله، حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بَخ! ذلك مال رابح، ذلك مال رابح... الحديث)). وختاماً أقول: عزيزي الثري هناك أناس في حاجة للفتات الذي لا تلقي له بالاً، وإنهم والله في أشد الحاجة إلى ما يسدون به جوعهم أو يكسون به أبدانهم، وأعلم أخي في الله أن الثروة الحقيقية هي التي ستجدها أمامك عندما يضع المولى عز وجل الموازين بالقسط، فما أنفقت في سبيل الله في حياتك ستجده ذخراً وغنيمة وثروة لك في آخرتك، أما ما بقي بعد مماتك فهو حق لورثتك يتمتعون به ويصرفونه على أنفسهم، "والله أعلم" إن تذكرك أحدهم بصدقة جارية أم لا، أو صرف ثروتك التي خزنتها وشقيت في جمعها على متعته الدنيوية.. والخلاصة اجعل المال طريقك للنجاة قبل أن يصبح مال غيرك.