18 سبتمبر 2025

تسجيل

أمسية جميلة في مدينة الذخيرة

17 أبريل 2018

أمسية جميلة قضيتها على ضفاف شاطئ الذخيرة شمال قطر ليلة الجمعة الماضية، تلك المدينة التي تستقبلك بحفاوة أهلها وأصالتها وترحب بك مآذنها التاريخية القادمة من الزمن الجميل تحيي ضيوفها وزائريها بمنارة تراثية تقف في هيبة وإجلال على مدخل المدينة، إنها ليلة طرزتها نسائم البحر المندى بالغمام، في ضيافة صديقي الشيخ الدهاة ولد محمد غلام، من بلاد شنقيط (موريتانيا) الزاخرة بأهل العلم والفقه وشعراء الوصف والحكمة، وهو إمام وخطيب مقيم في قطر، يسرك حديثه ومجالسته، إضافة الى صاحبيه الكريمين الرجل الحكيم محمد الأمين والشيخ الفاضل محمود الصعدي من موريتانيا واليمن الشقيقتين، اللذين أثريا مجلسنا المبارك بحديثهما القيم.  والمجلس الموريتاني مشهور بأجواء الشاي الأخضر الذي يفرض وجوده بين الحاضرين فلا يحلو جمعهم وسمراتهم إلا بارتشاف أقداحه البراقة المشعشعة، ومن استأثر به دون الجماعة فلا قيمة يحرزها عندهم. ومن آداب تحضير وتقديم الشاي لديهم أن يستوفي الجيمات الثلاث (الجماعة والجمر والجر)، أولها الجماعة، ثم تجهيز الشاي على الجمر، وثالثهما الجر، أي امتداد وقت تناول الأقداح لثلاثة أدوار؛ حتى يطيب المزاج ويبتهج الفؤاد، وهم بين هذا وذاك يؤنسهم صوت انسكاب الشاي من الإبريق وإرجاعه عدة مرات لتعلوه رغوة فريدة النكهة. وفي ذلك يقول شاعرهم: إذا شئت إكرامي يا خل فاسقني كؤوسا يضاهي عدها الشفع والوتر. وبعد جلسة ماتعة استغرقت ما بين المغرب والعشاء رفع الأذان فخرجت والشيخ ولد غلام (الدهاة) سيرا على الأقدام، حيث يؤم المصلين في المسجد الأثري الشهير المقابل لشاطئ الذخيرة والناطق بعبق التراث وعراقة التاريخ، والذي يعد من أقدم المساجد في قطر، وعمره يناهز قرنا ونصف القرن من الزمان، وقد تم ترميمه وفق طابعه المعماري الإسلامي الفريد، وما يحويه من نقوش وتشكيلات زخرفية وآيات منحوتة على جدرانه الداخلية مع رسم كتابي يبين تاريخ تشييد المسجد العريق وتبدو في فنائه معالم بئر كانت تستخدم للري والوضوء، وختمت زيارتي تلك بجولة على بعض مواقع المدينة الأصيلة، وما توفره من مكان مناسب للنزهات العائلية حيث الخصوصية والطقس العليل على شاطئها ومرافقه المميزة، ومن هناك تتراءى أشجار القرم ذات الخضرة الدائمة وممراتها المائية العجيبة، وما ترمز له من غنى وتنوع البيئة القطرية، إضافة الى أشجار المانغروف الشامخة على أطراف المدينة، بينما تحوم الطيور وتستقر الأحياء المائية في منظر يندر تكراره في أماكن أخرى، قال الشاعر: ثلاثة تجلو عن القلب الحزن الماء والخضرة والوجه الحسن. ولابد لمن يزور مدينة الذخيرة أن يشاهد مجالس أهل الذخيرة الكرام من عشيرة آل الحسن المهندي، وما يحرصون عليه من عادات أصيلة، وسيرة مجيدة. وبما أننا نواكب احتفالات يوم الأسرة فهذه دعوة للأسر القطرية والمقيمة لزيارة مدينة الذخيرة الطيبة والاستمتاع بأجوائها المنعشة، والتعرف على تاريخها، ومعالمها ورجالاتها الذين أسهموا بنصيب وافر في تسطير مجد قطر الحبيبة. وأشكر للأخوة الأعزاء دعوتهم الكريمة وحسن استقبالهم وضيافتهم، سائلا المولى عز وجل أن يديم على بلادنا الحبيبة نعمة الأمن والاستقرار وسائر بلاد المسلمين.