14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الملاذ الضريبي أو الجنة الضرائبية هي منطقة تفرض بعض الضرائب أو لا تفرض أي ضرائب على الإطلاق أو هي دول تتمتع أنظمتها المصرفية بقوانين صارمة لتحافظ على سرية حسابات عملائها الأجانب فتساعدهم على التهرب من دفع الضرائب في بلادهم الأصلية. وقد ظلت هذه الملاذات لردح طويل من الزمن ملجأ للأموال غير الشرعية وآخرها ما كشفت عنه ما سمي بفضيحة وثائق بنما قبل عدة أيام. لهذه الأسباب وغيرها الكثير شهدنا منذ العام الماضي تحركا عالميا تقوده منظمة التعاون الاقتصادي للتعاون والتنمية هذه المرة جاهدة لوضع حد لتلك الملاذات الضريبية خاصة قضايا التهرب الضريبي. فبعد قانون الامتثال للضريبة على الحسابات الخارجية الأمريكية (FATCA) جاء دور المنظمة لتقدم على خطة مماثلة وتطلق معيارا للتبادل التلقائي للمعلومات (Common Reporting Standard)، وقامت 53 دولة بالتوقيع عليه في يوليو 2015، وهو يعني أنها سوف تقوم بتبادل المعلومات فيما بينها عن المواطنين والشركات والمنظمات الأجنبية المقيمة في بلدانها لأغراض احتساب الضريبة عليهم لصالح حكومات بلدانهم. ويحدد هذا الاتفاق تفاصيل المعلومات التي سيتم تبادلها، ومتى، وعلى النحو المبين في معيار الإبلاغ المشترك. وفي وقت لاحق في عام 2015، وافقت تركيا، والصين وهونج كونج وأكثر من 80 دولة أخرى على توقيع الاتفاقية، والتي شملت أيضا بعض دول مجلس التعاون الخليجي - الكويت وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتعهدت بتطبيقه ابتداء من الأول من يوليو 2017. ومن المتوقع أن توقع بقية دول المجلس على هذا الاتفاق خلال هذا العام، في حين أن الولايات المتحدة لم توقع هذا الاتفاق حتى الآن.وتحتوي هذه الوثيقة على معيار عالمي للتبادل التلقائي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية، وقد تم تطوير هذا المعيار من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من خلال العمل المشترك مع دول مجموعة العشرين، وبالتعاون الوثيق مع الاتحاد الأوروبي. ويحتوي الجزء الأول على مقدمة حول المعيار ويحتوي الجزء الثاني على نص نموذج اتفاق التخويل المختص (CAA) ومعايير التقارير المشتركة وإجراءات العناية الواجبة (CRS).كما يصف معيار الإبلاغ المشترك إجراءات العناية الواجبة التي يجب اتباعها من قبل المؤسسات المالية للتعرف على الحسابات المطلوب الإبلاغ عنها. وسوف يتعين ترجمة معيار الإبلاغ المشترك إلى قوانين محلية، في حين أن اتفاق التخويل المختص يمكن تنفيذه ضمن الأطر القانونية القائمة حاليا، مثل المادة 6 من الاتفاقية المتعددة الأطراف بشأن المساعدة الإدارية المتبادلة في المسائل الضريبية أو ما يعادلها من المادة 26 في المعاهدات الضريبية الثنائية. وقبل الدخول في اتفاق ثنائي للتبادل التقائي للمعلومات مع بلد آخر، فمن الضروري أن يكون لدى البلد المتلقي للمعلومات الإطار القانوني والقدرات الإدارية والعمليات قيد التنفيذ لضمان سرية المعلومات الواردة. والغرض من معيار الإبلاغ المشترك هو استخدامه من قبل الدول الراغبة في التبادل التلقائي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية، والهدف منه هو تجنب انتشار معايير مختلفة والتي من شأنها أن تزيد تكاليف كل من الحكومات والمؤسسات المالية.وبموجب المعيار، تحصل الدولة على المعلومات المالية من المؤسسات المالية لديها وتقوم تبادلها تلقائيا مع دول أخرى على أساس سنوي، ويتكون المعيار من عنصرين: الأول هو معيار الإبلاغ المشترك، والذي يحتوي على قواعد الإبلاغ وإجراءات العناية الواجبة، والثاني هو نموذج اتفاق التخويل المختص، والذي يحتوي على قواعد مفصلة بشأن تبادل المعلومات. ولغاية الآن، فإن الانضمام لهذه الاتفاقية الجديدة هو أمر اختياري للدول كافة، ولكننا لا نشك لحظة أن هذه الاتفاقية سوف تتحول تدريجيا وفي نهاية المطاف بعد أن يقوى عودها وتبدأ دول كثيرة بتطبيقها إلى اتفاقية إلزامية سوف تفرض على كافة الدول التقيد بها، وسوف تكون هناك عقوبات دولية على الدول والمؤسسات التي لا تلتزم بها كما فعلت الولايات المتحدة مع اتفاقية الفاتكا، وهذا سوف يعني في نهاية المطاف أيضا إنهاء عصر الملاذات الضريبية في العالم. وبطبيعة الحال، فإن قيام الدول الخليجية بالتوقيع على الاتفاقية يعني أنها سوف تعمل على تنفيذها بالتعاون مع المصارف المقيمة في بلدانها، وهو ما سيفرض تعهدات والتزامات ونفقات باهظة جديدة على البنوك الخليجية. في الوقت نفسه سوف تفرض التوجهات الجديدة على الحكومات الخليجية الانخراط في جهود دولية واسعة ومنسقة عبر كافة القارات لمكافحة التهرب الضريبي وكافة أشكال تهريب الأموال غير المشروعة، مما يعني أن هذه الدول بدورها لن تعود ملاذ للملايين من العمالة الأجنبية التي تفضل العمل فيها للتهرب من الاستحقاقات الضريبية عليها في بلدانها.