17 سبتمبر 2025
تسجيلجاء في تقرير لجريدة "الشرق الأوسط" يوم 30/3/2016 أن الكتب الفكرية تسحب البساط من الرواية والشعر، وذلك من خلال تتبع الجريدة لمعرض الكتاب الدولي بمملكة البحرين في دورته السابعة عشرة. يقول التقرير: "احتل الكتاب الفكري بنوعيه "التراثي والمعاصر" المرتبة الأولى في واجهة دور النشر المشاركة في المعرض". ويشير التقرير إلى ظاهرة التحول – في القراءة – إلى الكتب التاريخية والفكرية وتلك الجادة، إلا أن التقرير لم يخفِ شعبية الرواية بين فئة الشباب.في حقيقة الأمر، إن المناخ العام في العالم العربي قد يدفع بتشكل نوعية القراءة، وما يمور في العالم العربي من احتقانات، وتضادات، واختلالات فكرية وتوجهاتية، يدفع للاهتمام بالقضايا الفكرية، والتي قد يجلو بعضها حالة "الدهشة" التي تسيطر على المواطن العربي من خلال المواقف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية، وكذلك رغبة القارئ في استيعاب مخرجات هذه المواقف، من خلال قراءة الكتب الجادة، وهذا يُذّكرنا بأول ظهور الكتب في الولايات المتحدة – والروايات خصوصًا – والتي تناولت قضايا ما بعد "الحرب الأهلية" والإشادة برموزها، ثم القفز نحو روايات الخيال العلمي، للخروج من حالة الواقعية والرومانسية المُتحققة إلى عالم الخيال العلمي مما عُرف بروايات "الدايم"! ولقد لاحظتُ بأم عيني – خلال معرض الدوحة الأخير للكتاب – مدى الإقبال على شراء الكتب الفكرية، وتلك التي تتناول عناوين تقارب الواقع العربي، سواء في اختلاف المذاهب والنحل، أو التنظيمات الدينية والجماعات الإرهابية والأصولية. ولكن هذا المشهد له ما يعارضه عند بعض دور النشر التي يشرف عليها شباب متحمسون، حيث بدا المشهد في صالح الرواية، والتي أقبل عليها الشباب بصورة واضحة في أكثر من دار نشر.ومع ذلك، فإن عادة القراءة آخذة في الانحسار، ولذلك دلائل عدة، منها: 1 - معظم طلاب المرحلة الجامعية لا يقرؤون الصحف، ولا الكتب غير المتعلقة بالمنهج.2 - تعلق معظم الشباب بمخرجات التكنولوجيا، واستخدام لغة خاصة بها، تأتي على حساب النزر اليسير من المعلومات التي حفظها الطالب من قبل وصول تلك المخرجات. وكذلك استخدام معظم تلك المخرجات لتبادل مواد هشة لا تضيف – في الأغلب – إلى ثقافة الشباب ولا تقوي لغتهم وتثري خبراتهم.3 - تعلق معظم الشباب بالإذاعات والفضائيات الشبابية ذات النهج " الإلهائي" الترفيهي، وهذا يقلل من نسبة حصولهم على المواد المعرفية الثرية، ما يقلل لديهم مساحات القراءة والاطلاع.4 - غلبة النزعة الاستهلاكية على المجتمع العربي، واستسهال واستعجال بعض الشباب للشهرة، عبر الرسائل الإلكترونية وتسابق نشرها، أو كتابة بعض أنماط أدبية مثل القصة القصيرة أو الرواية، دونما وعي، وبلا تخصيص وقت لقراءة الأعمال الجيدة السابقة للرواد، ما ينتج عنه أشكال "مشوهة" لا تصلح لأن تكون نموذجًا أدبيًا يعبّر عن الشباب.ومن هنا تلح الحاجة لتأصيل عادة القراءة لدى طلبة المدارس والجامعات، والبيت كذلك مسؤول بصورة أولى عن هذا الموضوع. ويتطلب الأمر إقامة مسابقات على المستوى الوطني، وعبر جميع الهيئات الرسمية والأهلية، وتخصيص جوائز للفائزين في تلك المسابقات. كما أن الأمر يتطلب تعاون وسائل الإعلام، بأشكالها كافة، مع تلك الهيئات للترويج لأهمية القراءة التي تساعد على الكتابة.