28 أكتوبر 2025

تسجيل

الرأي القويم في الاحتفال بيوم شم النسيم

17 أبريل 2014

هذا اليوم يشترك في الاحتفال فيه كثير من شعوب العالم على اختلاف مللهم ونحلهم وذلك ليس إلا عادة قديمة يرجع تاريخها إلى ما قبل نشأة المسيحية بقرون عديدة، وفي التقويم النصراني الذي يحدد هذا اليوم يقول إنه يوم الإثنين الذي يلي عيد الفصح عند النصارى، هو بعينه التقويم الذي يحدد المواسم الزراعية، حيث يعتمد عليه الفلاحون ـ ومنهم مسلمون ـ في تعيين مواعيد الزرع والحصاد، ومع ذلك فهو ليس عيدا دينيا قوميا رغم أن نسبة كبيرة من أبناء البلاد العربية يشتركون في الاحتفال به على السواء وفيهم المسلم والنصراني وغيرهم. والحقيقة أن أصل ذلك اليوم مجهول، ولا يزال موضع اختلاف الآراء، فمن الناس من يقول إنه عادة فارسية قديمة، والبعض يقول بأن الطاعون تفشى في سنة من السنين في مصر وظل يفتك بأهلها فترة من الزمن، حتى جاء يوم هبت فيه الرياح فجأة فطهر الله تعالى بها البلد من ذلك الداء الوبيل، فاصطلح القدماء على تسمية هذا اليوم بيوم شم النسيم وبقيت الذكرى تمر كل عام، ويقول بعض الإفرنج إن شباب الرومان اعتادوا أن يخرجوا في مثل هذا اليوم من كل عام إلى الحدائق والحقول والمتنزهات والشواطئ، وهم ينشدون بعض الأناشيد تقربا إلى (فلورا) آلهة الفاكهة والزهور، وقد كانت هذه العادة متبعة عند الإنجليز القدماء، وما تزال بعض أمم الغرب تحافظ على هذه العادة كل عام. ثم إن هذا اليوم أيضا يوافق أحد أعياد (كريشنا) المقدسة عند الوثنيين في الهند وغيرها من دول الشرق الأقصى ودول شرق آسيا وهذا كله يحمل على الاعتقاد بأن الأصل في هذا اليوم المدعو (شم النسيم) أنه كان في الأصل يوما عالميا يحتفل فيه الناس باستقبال الربيع وازدهار الشمس، ولعل هذه العادة من بقايا طقوس عبادة الشمس التي كانت منتشرة في العصور القديمة بين قدماء المصريين وغيرهم وعليه فالادعاء بأنه عيد مسيحي ادعاء باطل وعلى المسلم أن يجتنب هذا العادة ويكون على بينة من أمره فيما يأتي من عادات وما يذر ولا يكون إمعة ففي الحديث "لا تَكُونُوا إِمّعةً تَقُولُونَ إِن أَحْسَنَ النّاسُ أَحْسَنّا، وإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وإِنْ اسَاءُوا فَلاَ تَظْلمُوا". أخرجه الترمذي كتاب البر والصلة. بابُ ما جاءَ في الإِحْسَانِ وَالْعَفْو. والإمعة هو الذي يتابع كل ناعق ويقول لكل أحد أنا معك لأنه لا رأي له يرجع إليه. وهو المقلد الذي يجعل دينه تابعاً لدين غيره بلا رؤية ولا تحصيل برهان والحديث بهذا فيه إشعار بالنهي عن التقليد المجرد حتى في الأخلاق فضلاً عن الاعتقادات والعبادات. هذا ولو كان الاحتفال قاصرا على التنزه والفرح بنعمة الله تعالى يحلول فصل الربيع وخفة الحرارة وترويض الأجسام وترويح النفوس مع حمد الله تعالى وشكره على هذه النعم الجليلة التي يمن الله تعالى بها على خلقه في تعاقب فصول العام على هذا النظام البديع؛ لقلنا هذا من فضل ربي ولكن ما يحدث فيه من اختلاط وتبرج وسفور وأمور منكرة وتناول بعض الأطعمة خاصة بهذا اليوم فيه مدعاة للتشبه بغير المسلمين وفي الحديث "مَنْ تَشَبّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ". سنن أبي داود كتاب اللباس. باب في لبس الشهرة. دلالة على النهي الشديد والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار، في أقوالهم وأفعالهم ولباسهم وأعيادهم وعباداتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولا نقر عليها. ويقتضى الصراط المستقيم الذي هدانا الله تعالى إليه أن ننهج نهج نبينا ونتبع سنته ولم لا وقد ألزمنا الله تعالى بأن نتوجه إليه يوميا بهذا الدعاء الخاشع "اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {7}‏ الفاتحة. وقد كان من هديه ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ في مثل هذا اليوم من كل أسبوع الصيام، فعن عائِشَةَ ـ رَضِيَ الله عنها ـ قالت: "كانَ النبيّ ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ يَتَحَرّى صَوْمَ الاثْنَيْنِ والخَمِيسِ". أخرجه الترمذي في سننه كتاب الصوم عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم. باب ما جَاءَ في صَوْمِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ والخَميِس. لما ورد من أنه تعرض فيه الأعمال على رب العالمين ولهذا كان ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ يحب أن يرفع عمله وهو صائم ليكون ذلك شفيعا له من حاله عند عرض أعماله ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ على ربه عز وجل بل إن النبي ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ "سئل عن صيام الاثنين؟ فقال: ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت، أو أنزل علي فيه" صحيح مسلم من حديث أبي قتادة. ومن هنا فإنا ننادي على أبنائنا وبناتنا في كافة أقطار المعمورة ممن يشهدون لله تعالى بالوحدانية ولسيدنا محمد ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ بالنبوة والرسالة أن يستنوا بسنة النبي ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ في مثل هذا اليوم ويحذروا من هذه البدع التي جرت مفاسد وويلات وشرورا كثيرة، وعن مشاركة المسلمين لغيرهم أعيادهم قال أبو حفص الكبير الحنفي: من أهدى في النيروز بيضة إلى مشرك تعظيماً لليوم فقد كفر بالله تعالى وأحبط أعماله قلت هذا محمول على ما إذا أقره على باطله دون نكير ولا كراهة لما هم عليه من مخالفة أمر الله تعالى والإعراض عن شريعته، وقال القاضي أبو المحاسن الحسن بن منصور الحنفي: من اشترى فيه شيئاً لم يكن يشتريه في غيره أو أهدى فيه هدية إلى غيره، فإن أراد بذلك تعظيم اليوم كما يعظمه الكفرة، فقد كفر، وإن أراد بالشراء التنعم، والتنزه، وبالإهداء التحاب جرياً على العادة، لم يكن كفراً، لكنه مكروه كراهة التشبيه بالكفرة حينئذ فيحترز عنه. وأعياد المسلمين إنما تعقب أداء أركان الإسلام وشعب الإيمان ففي سنن أبي داود من حديث أنَسٍ ـ رَضِيَ الله عنه ـ قال: "قَدِمَ رسولُ الله ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ المَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلعَبُونَ فيهِمَا فقال: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ قالُوا: كُنّا نَلْعَبُ فِيهِمَا في الْجَاهِليّةِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إنّ الله قَدْ أبْدَلَكُم بِهِمَا خَيْراً مِنْهُمَا: يَوْمَ الأضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ". سنن أبي داود كتاب الطهارة. باب صلاة العيدين. هذا وبالله التوفيق.