20 سبتمبر 2025

تسجيل

استعادة هوية التدريس الوطنية

17 أبريل 2014

عزوف الخريجين القطريين عن الالتحاق بسلك التدريس، رغم الاحتياج الكبير لجهودهم في هذا المجال الحيوي البناء، يشكل ازمة فعلية في سد الاحتياج المتزايد من الكوادر الوطنية في هذا القطاع المهم، بعد ان سجلت مؤشرات التقطير بين المدرسين في عهود (التربية) الماضية مؤشرات مرتفعة، مالبثت ان تراجعت بدرجات مقلقة، تنذر بخلو الميدان التعليمي تماما من المدرسين القطريين، تزامنا مع تدشين العمل بالمدارس المستقلة، وهذا بلاشك يمثل خسارة فادحة ما زلنا نعاني من تبعاتها على اوضاع التعليم عموماً. فلم يعد راتب المدرس مغريا للقطريين، وإن تصدر سقف رواتب الموظفين في الدولة، ولم تعد الوعود بمنح مزايا افضل مقنعة لهم للإقبال على هذه الوظيفة الحساسة، حتى تقديم مكافآت شهرية مجزية للطلبة للانضمام الى برنامج تأهيلي للعمل كمدرسين بعد سنتين فقط، فلم يفلح في استقطاب اعداد كافية من المعلمين المواطنين، بل ان الذين كنا نعول على بقائهم في الميدان لإضفاء طابع وطني، أخذوا ينسحبون منه تدريجياً، واذا كنا جادين في استقطاب العناصر الوطنية للعمل في التدريس، فلابد من استقصاء اسباب هذا العزوف عن تحقيق مطلب وطني استراتيجي بالغ الاهمية، والأسباب في تقديري تعود للعوامل التالية: * تحول نظام التعليم الى ما يشبه المؤسسات الخاصة، وتنازع الإشراف عليها ومتابعتها بين وزارة العمل والمجلس، اضافة الى وزارة التعليم. * تسلط أصحاب التراخيص ونوابهم وضعف تجاوبهم مع مطالب أعضاء هيئة التدريس.* تحميل المدرسين أعباءً وتكاليفَ ليست من صميم عملهم، تشغلهم عن أداء أدوارهم المهمة. * تغييب دور الوزارة وتقليص صلاحياتها، مما يشتت الجهود ويجعل المدرسين غير واثقين من رعاية شؤونهم. * إلغاء دور التوجيه التربوي وخبراء المناهج والاستعاضة عنهم بإجراءات هزيلة المردود، سلبية النتائج. * ضعف إجراءات الضبط السلوكي والإرشاد الطلابي، والتساهل مع تجاوزات الطلاب في حق معلميهم. * إقحام اختبارات كثيرة على نظام التقويم الختامي، وما يترتب عليها من ربكة وإعاقة عن تحقيق الاهداف. * التركيز على شكليات ومسميات، على حساب القضايا الجوهرية للتعليم والمعلمين. * تجريد المدرسين من صلاحياتهم وأدوارهم القيادية في المدارس والمجتمع. * زيادة ساعات الدوام الرسمي ونصاب الحصص عن الحد المعقول.! وبعد تشخيص داء العزوف والانسحاب من التدريس، ها نحن نصف الدواء حسب ما نراه مناسبا، وحلا شافيا بحكم الخبرة والمعايشة، وذلك باتباع الخطوات العملية التالية: * تصحيح مسار التعليم مجدداً بالاعتماد على أسس التربية والتعليم المستمدة من ثوابتنا العقدية والقيمية الراسخة. * منح المعلم القطري امتيازات خاصة، ومن ذلك الحصانة، وتسهيلات السفر، وخدمات العلاج المتقدم وخصومات التسوق، واعتباره من كبار الشخصيات.* تفعيل لائحة الضبط السلوكي والاخلاقي، ودعمها بإجراءات اكثر ردعاً للطلاب المتمردين أو الذين يسيؤون الى مدرسيهم. * إرجاع إدارة وتعليم طلاب المدارس الابتدائية إلى المعلمين وإلغاء ما يسمى بالمدارس النموذجية. * الاستعانة بخبرات المعلمين والموجهين وخبراء المناهج المواطنين في رسم السياسات التعليمية وتخطيط المناهج. * إنشاء نظام تعليم جامعي أكثر فعالية بكليات التربية لتخريج دفعات مؤهلين للعمل في التدريس، وإلزام الطلبة بالتدريب العملي في المدارس قبل التخرج.* تفريغ المعلم وتخفيف أعبائه، ومنحه مطلق الصلاحيات، والاستقلالية التامة لأداء دوره البناء.* نقل المدرسين المواطنين القدامى الى وظائف إشرافية وإدارية بالوزارة بدلاً من المقيمين والوافدين، مع احترامنا لكل الجنسيات.* بث الوعي بأهمية دور المعلم المواطن، ومدى الحاجة الى جهوده بكافة الوسائل؛ باعتباره محوراً فعالاً في تجسيد رؤيتنا الوطنية الشاملة.وأنا متأكد من ان تحقيق مطلبنا الوطني العزيز في تقطير التدريس، واستعادة هويته الوطنية مرهون بترجمة الحلول المذكورة الى واقع ملموس.. وأدعو المهتمين وأصحاب الشأن، الى مناقشة هذه الحلول في ملتقى التعليم القادم، وترجمتها إلى برنامج عملي يعرض على سعادة رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس التعليم لإقراره ؛ حتى يصل التعليم إلى مستوى الطموح المنشود.