09 أكتوبر 2025
تسجيلالأمر فعلاً يدعو إلى القلق وضرورة اتخاذ التدابير المضاعفة لمواجهة هذا الوباء الذي تفشى في وقت قياسي وأسرع من النار في الهشيم، فما قاله مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس غيبرييسوس عن أن تفشي فيروس كورونا وصل إلى " مرحلة حاسمة " وهناك احتمالات أن يتحول إلى وباء شامل، أمرٌ استدعى إلى ما نشهده الآن من فزع واحتراز عالمي غير مسبوق جعل الدول تُغلق أجواءها ومنافذها وتصبح أشبه بمنطقة حجر صحي لتفادي انتشار الوباء فيها، وهو أمر يدعو إلى تكاتف أممي لمواجهة هذه الأزمة الصحية التي ضربت كل دول العالم وهددت كل مقوماتها الصحية والاقتصادية وحتى الاجتماعية وقد تُنذر بأزمات دبلوماسية إن لم تلتزم الدول بالضوابط والاحترازات الصحية المطلوبة حتى لا يتفشى الوباء أكثر فأكثر! ولو عدنا لتاريخ الأوبئة التي ضربت العالم منذ مئات السنين لوجدناها لا تقل فتكاً ولا انتشاراً من وباء كورونا وذهب ضحيتها الملايين من البشر، ففي عام 165 ميلادية تم تسجيل وباء الطاعون الأنطوني الذي قيل إنه تسبب في وفاة ما لا يقل عن ألفي شخص يومياً وذكرت بعض الدراسات الحديثة أن هذا الطاعون لم يكن سوى مرض الجدري واستمر في الانتشار حتى عام 180 م. ويذكر التاريخ أيضاً من الأوبئة التي فتكت بالبشر طاعون جستنيان الذي انتشر في كافة أنحاء الإمبراطورية البيزنطية في آسيا وأفريقيا وأوروبا بين عامي 541 و 542 م، وقد ظهر هذا الوباء أولاً في مصر وانتقل إلى القسطنطينية حيث كانت الامبراطورية البيزنطية تحصل على احتياجاتها من الحبوب من مصر، وقد فتك هذا الطاعون بالكثير من الضحايا. وشهدت أوروبا بين عامي 1348 و 1349 ما يسمى بالطاعون الأسود الذي قضى على نحو مليون شخص، كما ضرب الطاعون العاصمة البريطانية لندن عامي 1665 و 1666 م وسمي بطاعون لندن العظيم والذي وصلها من هولندا وتجاوز عدد ضحاياه الألف شخص وهو ربع عدد سكان المدينة حينئذ. وفي القرن العشرين وبالتحديد في عام 1918 اجتاح وباء الإنفلونزا الإسبانية العالم وأودى بحياة ما يتراوح بين 40 و 50 مليون شخص، وبين عامي 1957 و 1958 م ظهرت الإنفلونزا الآسيوية في الصين وانتشر في سنغافورة وهونج كونج ثم الولايات المتحدة وكان عدد ضحاياها كبيراً. وفي عام 1976 ظهر وباء الإيدز في الكونغو وانتشر في مختلف دول العالم وبلغ عدد المصابين 36 مليوناً، وتوصل العلماء آنذاك إلى أن مزيجاً من الأحداث تضمن النمو السكاني وتجارة الجنس وحركة السكك الحديدية سمح بانتشار فيروس " اتش اي في " المسبب للإيدز. وفي القرن الحادي والعشرين وبالتحديد عام 2009 كان العالم على موعد مع فيروس إنفلونزا من نوع جديد هي إنفلونزا الخنازير الذي اكتشف أولاً في المكسيك قبل أن ينتشر في العديد من دول العالم، وهذا الفيروس يعد من أكثر الفيروسات خطورة حيث يتمتع بقدرة تغير سريعة هرباً من تكوين مضادات له في الأجسام التي يستهدفها، وقد فتك هذا المرض بـ 18 ألف شخص خلال عام واحد فقط. وها هو العالم يواجه من جديد خطر تفشي وباء جديد لا يقل خطورة عن الأوبئة التي ضربت العالم على مدى التاريخ، ولكن هذه المرة كان عامل التكنولوجيا السريعة والمتطورة هو أبرز الأسلحة التي يمتلكها العالم في القرن الحادي والعشرين لمواجهة هذا الفيروس الذي يبدو أنه من الواضح لو أنه ضرب العالم في أوائل القرن العشرين وما قبله لشهدنا أعداداً مضاعفة من الوفيات التي نشهدها في وقتنا الراهن. فاصلة أخيرة حزمة القرارات والإجراءات التي أمر بها سمو الأمير لمواجهة كورونا أثلجت صدور المواطنين والمقيمين على أرض قطر، اللهم احفظ لنا وطننا وأميرنا وشعبنا من كل مكروه. [email protected]