11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قد يكون مفهوما أن تقوم مصر بترشيح أحمد أبو الغيط، آخر وزراء خارجية المخلوع مبارك "حليف إسرائيل الإستراتيجي"، في منصب الجامعة العربية، وذلك لأن القاهرة صراحة وبدون مواربة أعلنت عن قوة علاقاتها بإسرائيل، بل إن السيسي أعرب عن أمله في توسيع دائرة السلام العربي مع الكيان الصهيوني، أو بمعنى آخر زيادة عملية التطبيع الرسمي أولا، على أن يليه التطبيع الشعبي في مرحلة لاحقة.إذا أحسنت سلطات الانقلاب الاختيار لتحقيق هذا الهدف بترشيح أبو الغيط "العجوز السبعيني" لهذا المنصب لاسيَّما وأنه الرجل الذي لم يثأر لانتهاك إسرائيل آنذاك الأعراف الدبلوماسية بإعلانها من قلب القاهرة "ديسمبر 2008" عن عزم بلادها شن حرب على غزة وحماس، وبدلا من امتعاض القاهرة لهذه الإهانة، راح الرجل يتهم حماس بأنها السبب في هذه الحرب، بل هدد أهالي غزة من دخول الأراضي المصرية عبر معبر رفح هربا من القصف الإسرائيلي، وبحثا عن ملاذ آمن مؤقت لحين انتهاء الحرب بمقولته الشهيرة "سوف نقطع رجل أي أحد ينتهك السيادة المصرية"! هذه النخوة المصرية للرجل الهمام برزت بصورة أوضح من خلال اعترافه بقيام القاهرة بإفشال القمة العربية الطارئة بالدوحة يناير 2009 لمناقشة العدوان على غزة، ثم تجسدت أكثر بصورته الشهيرة التي يأخذ فيها بيد نظيرته ليفني حتى لا تقع على الأرض. إذا قد يكون هذا هو موقف مصر التي يبدو أنها أخذت على عاتقها بعد الانقلاب قيادة قاطرة التطبيع مع إسرائيل التي كانت سببا بحسب "توفيق عكاشة" في إقناع أمريكا بالاعتراف بالانقلاب.لكن الغريب هو هذا الإجماع العربي باستثناء - التحفظ القطري – على اختيار الرجل في هذا المنصب الرفيع لمنظمة تأسست في أربعينيات القرن الماضي قبل الأمم المتحدة ذاتها لتحقيق هدفين هما الوحدة العربية، ومواجهة إسرائيل. صحيح أن أحد أعرافها هو رئاسة مصري لأمانتها العامة باستثناء الفترة التي انتقلت فيها لتونس بسبب القطيعة العربية لمصر لتطبيعها مع إسرائيل، لكن كان يمكن البحث عن شخصية أخرى لها مواقف داعمة للقضية الفلسطينية التي يفترض أنها قضية العرب الأولى.كان يمكن للدول العربية أن تطلب من مصر اختيار شخصية على غرار عمرو موسى وزير خارجية مبارك أيضا والذي أعلن رفضه للممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين. لكن يبدو أن القضية الفلسطينية تراجعت بصورة كبيرة على صعيد الجامعة العربية، فإسرائيل لم تعد العدو أو إيران أو حتى روسيا. بل باتت الشعوب العربية هي العدو. فوجدنا دعما عربيا علنيا وليس خفيا للثورات المضادة في مصر واليمن وليبيا وتونس، فحدث انقلاب عسكري في مصر، وانقلاب "ديمقراطي" في تونس، وحرب في اليمن، وتآمر على الثورة في سوريا وصل إلى قبول بل وتأييد بعض الدول العربية لتدخل روسي إيراني واضح لدعم نظام مستبد في مواجهة شعبه، تزامن هذا مع انتهاكات صهيونية يومية في القدس والأراضي المحتلة، فضلا عن التقسيم الزماني والمكاني للأقصى دون أن تتحرك الجامعة العربية ببنت شفة. بل ما زاد الطين بلة هو تولي رئاستها رجل اشتهر بعدائه للربيع العربي.لقد سبق أن قلنا في مقال سابق إن الجامعة العربية على وشك الفناء بسبب مواقفها الداعمة للحكومات على حساب قضايا شعوب الأمة الأساسية وفي القلب منها فلسطين. وأخشى اليوم من أن يقول البعض إن الجامعة ستبقى وتستمر مع تحول في اسمها من "الجامعة العربية" إلى "الجامعة العبرية"، ومن تحول في مضمونها من رفض الممارسات الصهيونية إلى رفض ممارسات المقاومة الفلسطينية.