30 سبتمبر 2025

تسجيل

أنسنة الموت

17 فبراير 2022

أصبح من المهم جدا، أن نبدأ في إحصاء الأحياء لا عد الأموات، نمط الموت أصبح هو السائد، جعلت منه وسائل الاتصال الجماهيري خبرا ملازما كل صباح لكوب الشاي. في اعتقادي أن الأصل هو الموت والاستثناء هو الحياة، سرمدية الموت يقابلها سراب الحياة، من ينجو من الموت، لا ينجو من انتظاره، فالنجاة هنا اسم مجازي لا يخرجك من طابور الانتظار والمنتظرين. وحين نعزي الآخرين، نحن نستعد لتعزية أنفسنا أو في التعزية في أنفسنا في الحقيقة، تبقى الحياة كفلسفة هي التي عليها التعويل، كيف تحيا؟ ولأجل ماذا ولأجل من تحيا؟، فلسفة الحياة هي القادرة على التفلت من قبضة عزرائيل، لا يستطيع عزرائيل القبض على فلسفتك في الحياة حتى وإن قبض روحك، طالما أن بعد هذه الفلسفة بعد إنساني، الخلود دائما للحياة كفلسفة وليس للحياة كأفراد، هؤلاء الخالدون، هم من ترك وراءه فلسفة لا تموت، اذا عشنا الحياة فلسفة يصبح عزرائيل صديقا لا يخيف، لكن إن عشنا الحياة صراعا ضد إنسانيتنا الكبرى بتقمص طمع أنفسنا الصغيرة المحدودة سيتراءى لنا شبح عزرائيل قبل حينه، وسنموت قبل مجيئه، فهناك من هو ميت ولم يزره عزرائيل بعد، الدين وجد لكي يحيا الناس به، والدنيا خلقت لكي يتعايش الناس فيها، والفلسفة سواء قامت على الدين أو على غيره طالما ترى أن البعد الانساني هو المحدد لقيمة الانسان ودوره ومكانه في الوجود، الموت حالة وجودية تسري على جميع المخلوقات كالحياة تماماً اعتقد بها الاغريق والفراعنة مسبقاً فتركوا مع الاموات ما يجدونه بعد حياتهم من جديد، عزرائيل يخيف فقط من يظن أنه يمثل الاستثناء دون غيره من البشر او من يعتقد انه الاحق بالبقاء دون غيره. مع الولادة بدأت رحلة الموت ومع الموت تبدأ رحلة ولادة لم نعشها نحن العالقون بعد. [email protected]