18 سبتمبر 2025
تسجيلمثقف الصالون يحمل شهادات ويكتسي أفضل البدلات؛ والثياب شكله حسن مهندم، هو أفضل من المثقف "الأيقونة" فبينما تكتفي الأيقونة بالشكل والرمز يمارس مثقف الصالون النشاط الثقافي يعيش جمال ذاته انعكاساً على الواقع. الواقع ليس سوى صالونه، السُلطة في ذهنه تحتاجه لأنه أحد تمظهراتها سواء يعيش في كنفها، أو على تخومها، يكتب كثيراً لكن لا يقول شيئاً، يظهر كثيراً لكن لا يُعطي انطباعاً، يزاحم المجتمع ليس انغماساً في أوجاعه وإنما بحثاً عن ما يرضي نرجسيته، يحب التصوير يزهو بالصورة، يستمتع بملاحقة الفلاشات، كل ما يعمله إنجاز، ما يقوله حِكَم. هو نتاج لمجتمع الريع، فهو مُعطى وليس تراكماً زمنياً، ناجح في مجتمعه"الصالون" كألحان كمال الطويل ومحمد الموجي لعبد الحليم "على قد الشوق"، "صافيني مرة وجافيني مرة " التي لم تصل إلى عمق المجتمع بل بقيت حكراً على الصالونات، في حين وصلت ألحان بليغ حمدي لعبد الحليم التي تشبعت بروح الحارة الشعبية وبساطة الكلمة مثل"جانا الهوى" و"زي الهوى" و"حاول تفتكرني " و"على حسب وداد قلبي يابوي"، وصلت إلى القاع الاجتماعي وحملت همومه فانتشرت وأحبها وتفاعل معها الناس حتى اليوم. مثقف "الصالون" جميل لكنه يطفو فوق السطح لا يلامس أوجاع المجتمع ولا يحكي قصص الفرجان والحارات الشعبية، الخطورة حينما يتطابق الصالون ونرجسية المثقف صاحبه، حينها يصاب المجتمع بزكام وصداع، فهو لا يستطيع التعايش معه ولا يستطيع أن يعترض عليه من باب الحرية الشخصية، فلا أصحاب الصالون يستحملونه ولا من هم في خارج الصالون يطيقونه لأنه لا يصل إليهم بقدر ما يسببه من صداع لهم. هناك مثقفون رائعون كانوا في السلطة لكن في كتاباتهم انحازوا إلى المجتمع وأوجاعه. الدكتور علي فخرو وغازي القصيبي وغيرهما، الثقافة ينتجها المجتمع وغير ذلك فهي صناعة صالونات مغلقة ومثقفها مثقف صالون، غرفتين وصالة وحَمام. [email protected]