23 سبتمبر 2025

تسجيل

زمن الرويبضة وانقلاب المفاهيم

17 فبراير 2019

ماذا تبقى لنا من ثوابت لنكون خير أمة أُخرجت للناس كما ذكر الله تعالى في كتابه الكريم ، بل وأي أمة يفتخر بها وترفع رايتها ونحن نرى ممارسات يندى لها الجبين من المنكرات والانحرافات والبدع تنوء منها الجبال تغلغلت في مجتمعاتنا وعكست بظلالها على سلوكنا وأفعالنا وأقوالنا دون من يجد من يصدّها ويستنكرها ،وأي قدوة يُحتذى بها ، وقد رفعت قدوتنا القيادية العربية شعار لا نرى ولا نسمع لا نتكلم الا بما يخدم مصالحنا ولو ذهبت شعوبها إلى الجحيم حتى غصت السجون والمعتقلات بأهل الرأي والفكر لا يهم ،و أصبحنا في منزلق خطير لا نهاية له ، وقع فيه خطباؤنا ودُعاتنا فتحولت لغتهم الدينية الى لغة سياسية تصوغها أفكار وتوجهات الأنظمة الحاكمة والجاثمة هذا يُمجد وهذا يمدح وهذا ينافق . ومن يتخذ طريق الحق يُدسّ في غياهب السجون ، كما هو المطب الذي وقع فيه إعلامنا الذي حوّله من مرحلة البناء الى معول للهدم والصراعات الطائفية والمذهبية فهذا سني وهذا شيعي وهذا مسلم وهذا مسيحي وهذا بدوي وذاك حضري ، ونسينا قوله تعالى : ( إنَّا خلقناكم من ذَكَر وأُنثى ،وجَعلناكم شُعُوباً وقبائلَ لِتعارَفوا إنَّ أكرَمكم عند الله أَتقاكم ) حتى أصبح ميداناً للفتن والمغالطات والشتم والسب والاستهزاء ، ولا نذهب بعيدا فأزمة الخليج نموذج لتنشيط إعلام هادم ومحرّض للكراهية والفتن والتشنيع ، ومعه اندست أفكار وسلوكيات في عقول شبابنا باسم التطور وتمازج الثقافات ، هكذا صرنا مع الأسف ،وهذا ما تريده الصهيونية وما يريده الغرب ، خلق سيناريوهات الفتن والتفرقة وتدمير بنية وثوابت الدول العربية والإسلامية وقيمها ومقدراتها وجيوشها تحت شعار محاربة ومكافحة الإرهاب ، على أرضية عربية إسلامية هشّة ومتزعزعة بمبادئها وقيمها ، تبحث شعوبها عن السلام والعدل والعيش الآمن والسكن الآمن والوظيفة الآمنة التي فقدت مع فساد وجور بعض الأنظمة الحاكمة ، وتوارت أفولها مع الابتعاد عن الدين وتطبيق أحكامه وشرائعه ،لتصبح ثغرة يدخل من خلالها أعداء الدين ، وما حادثة البوسعيدي في تونس إلا نموذج لقساوة الحياة في ظل عباءة النظام الحاكم الجائر ، ومنها بدأ الربيع العربي الذي امتدت خيوطه الى العراق وليبيا وسوريا واليمن ، ومعه يبقى السؤال لماذا فُهرست الدول العربية لتأخذ أهميتها في الأجندة الأمريكية والغربية، أليس هو تمهيد لتحقيق حلم الصهيونية الذي ألفنا مقولته " حدودك يا إسرائيل من الفرات الى النيل " وما مؤتمر وارسو الذي اختتم " أعماله 2019 / 14/2 المسمى "بالمؤتمر الدولي للسلام والأمن في الشرق الأوسط " إلا جسرا للعبور الاسرائيلي لتحقيق حلمها، وتأكيدا للتطبيع والانبطاح ومسمارا في نعش القضية الفلسطينية التي غابت من اهتمامنا وليس أدل على ذلك ، مما تفوه به وزير الخارجية البحريني" بأن القضية الفلسطينية ليست أولوية ، الأولية مواجهة الخطر الإيراني ." إنه واقعنا العربي المتأزم والمتهالك الذي غرس سهامه الحارقة في قلوبنا فأدماها ، وعلى أوطاننا فدمرها وفِي فكرنا فأعماها وعلى مقدراتنا فأضعفها ، وليس هناك أدمى على قلوبنا من سلوكيات التناقض الذي غاصت في وحله اليوم أنظمة بعض دول الخليج واستشرى علنا مع حصار قطر ، كمصافحة اليهود الملطخة بدماء الأبرياء ، واستقبال بابا الفاتيكان وممارسة القداس على أراضيها والتبارك به كم هي الإمارات والتي حولت اسم أحد مساجدها إلى مسجد مريم أم عيسى عليه السلام ، وترك العنان لدعاتها للخوض في أمور الدين ومغالطة الكثير من أحكامه وتحريفها، كما هو المجنس المتناقض والمنافق المتستر بعباءة الدين ظاهراً بأفكار زنديقية وإلحادية ، "وسيم يوسف " بوق السياسية الإماراتية وأحد أسلحتها في الهجوم على قطر ، وكما هو تحذير الرئيس المصري للقادة الأوربيين من دور المساجد ، ومحاولة الامارات بالاشراف على المساجد والتحريض على دورها في بعض الدول الغربية بحجة أنها تصدر الأفكار المتطرفة وهذا شيء مؤسف أنها تصدر من قيادات مسلمة ، فالجرح غائر في صدر العالم العربي والشعوب العربية ، فديننا مستهدف ، ومقدراتها مستهدفة ، وإعلامنا موجّه ، لسنا من الغباء حتى لا ندرك. أن أمريكا والدول الغربية تحاك خيوطها في قالب واحد من أجل مصالحها المادية ،وتحقيق الحلم الصهيوني.. [email protected]