11 سبتمبر 2025
تسجيليؤكد العلماء أنه يمكن أن يكون هناك حوار مع الأطفال مع العلم أن أقدر الناس على إجراء هذا الحوار هي الأم .. وليست الأم فقط ولكنني أقصد أيضا من قد يكون لديه مشاعر مماثلة أو بعضها مثل الجدة أو الأخت الكبرى وأحيانا المربية وهذه حقيقة وليست مزاحا أو مجرد تخيل كما هو الحال في الأفلام .. والمعروف أن الحوار عبارة عن كلام بين شخصين أو طرفين .. ولكن كيف يكون الحوار بين شخص كبير بالغ عاقل وبين طفل صغير قد يكون رضيعا ؟ من المعروف أن لغة الأطفال تتراوح بين الضحك والابتسام وهو ما يعنى السعادة والسرور وبين البكاء والصراخ وهو ما يحتاج إلى تفسير .. ومن المعلوم أن الطفل لا يستطيع التعبير عما في نفسه إلا بهاتين الوسيلتين وعلى الأم أن تعرف سبب هذا البكاء أو الصراخ والذي يكون وسيلة الطفل الأسهل في التعبير عن رأيه أو حتى مشاعره .. ولا نكون مبالغين إذا قلنا أن هذا البكاء وذاك الصراخ هو الوسيلة الوحيدة التي بها يمكنه توصيل ما يريد للآخرين .. فما هي أسباب بكاء وصراخ الأطفال ؟ قبل أن نتعرف على هذه الأسباب يجدر بنا أن نسوق نصيحة ذهبية إلى كل الأمهات وهى أن يتسم حوارها مع طفلها بالهدوء والصبر وهما أفضل وسيلتين لإشعاره بالحب وتجنب المخاطر والتي سنأتي إليها لاحقا . قد يكون سبب بكاء الطفل أنه متعب وفى حاجة إلى النوم ولا يستطيع ذلك .. وقد يكون السبب هو الجوع .. يعنى أنه يطلب الطعام ولكن على طريقته وربما يكون الأمر عكس ذلك تماما وهو عدم رغبته في الأكل وإلحاح الكبار على ضرورة أن يأكل .. ورفض الطفل للطعام مما يدفعه إلى البكاء. والصراخ غالبا ما يكون لأحد أسباب ثلاثة أولها عدم رغبته في الأكل .. يعنى لا يزال شبعانا .. وثانيهما وهو الأكثر شيوعا وجود ألم في المعدة وهو ما يتوجب معه تقديم بعض المشروبات التي تخفف هذا الألم وإن لم يكن ذلك ممكنا فيجب عرض الطفل على الطبيب دون إبطاء .. أما ثالث هذه الأسباب وأهمها هو عدم استساغته لما يقدم له .. وتأتى أهمية هذا السبب وخطورته لظن معظم الكبار أنه مجرد طفل صغير ولا يمكنه تذوق الطعام واستساغته كما يفعلون وأنه سيأكل كل ما يقدمونه له .. وفى هذه الحالة ينبغي على الأم أن يكون الحوار بالمناغاة واللعب وجعل الأكل عملية ممتعة .. وننصح الأمهات باستغلال حب الأطفال للقصص وتحكى لطفلها بعض القصص التي يحبها ويمكن أن تختار له بعض البرامج التليفزيونية المخصصة للأطفال والتي غالبا ما ستروق له . ومن أهم أسباب بكاء الطفل هو الخوف وفقدان الشعور بالأمان نتيجة وجوده في مكان مزدحم أو سماعه لأصوات مرتفعة وأطرف أسباب خوف الأطفال وبكائهم هو سماعهم لبكاء أطفال آخرين وهو ما يطلق عليه علماء النفس العقل الجمعي لدى البالغين .. وفى هذه الحالة الأخيرة على الأم أن تتحدث مع طفلها بلغة الجسد وهى لا تخرج عن احتضان الطفل وضمه بقوة إلى صدرها وهذا وحده كفيل بإشعاره بالحنان وبالتالي الأمان فيهدأ ويخف الصراخ والبكاء حتى يتوقف تماما .. وهنا يجدر بنا أن نحذر من اللجوء إلى الترهيب حتى يكف عن الصراخ إذ أن ذلك من المؤكد أن يأتي بأثر عكس ما نريده تماما كما ذكرنا آنفا ولكن ماذا يمكن أن يحدث لو لم تفهم الأم لغة الحوار مع طفلها ؟ أبسط هذه النتائج هي عدم توقف الطفل عن البكاء والصراخ ولكن الأمر قد يكون أخطر من ذلك بكثير فقد يكتسب الطفل عادة غير محببة وهى مص الأصابع أو أن يصاب الطفل بالتبول اللاإرادي وعندما يكبر قليلا قد يضرب الأرض بقدميه في حركات متتابعة أو يخبط رأسه في الحائط خبطات منتظمة متتالية وكأنه يستغيث بالأم طالبا الحوار معه لتفهم سبب معاناته وفى هذه الحالة بالذات يجب شغل الطفل وتوجيه انتباهه إلى فعل شيء آخر حتى يخرج من حالة العصبية التي انتابته .. وهى في جميع الأحوال مسئولية الأم أن تفهم طفلها وتحاوره حتى لا تتطور الأمور ويفقد هو نفسه القدرة على الحوار ويتحول إلى طفل عدواني . وأنا في مقالي هذا أدعو إلى فهم الأطفال والتحاور معهم وعدم التوبيخ والإهانة حتى لا يشعرون أمام الآخرين بالدونية مما قد يتسبب في مشاكل نفسية أكبر وأخطر وسنحاول أن نتناولها لاحقا لتكون بين أيدي القارئ الكريم .. ولكنني في النهاية أقول لكل الأمهات أن أبسط وأنجح طريقة في الحوار في جميع الأحوال هي حضن الأم . وإلى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين E mail : [email protected]