13 أكتوبر 2025

تسجيل

النافذة السرية

17 فبراير 2014

غربة روح لم تجد لها مأوى يطل صاحبها من نافذته السرية، ظل يتأمل من تلك النافذة وجوه المارة، كل فرد منهم له همه وحزنه.. غمه وجرحه.. يعاني من غربة روحه التي لم يجد لها دواء سوى التأمل في تلك الوجوه.. فيقيس مدى قوة معاناته فتهون عليه عندما يرى معاناة غيره.. وبعدها يرمي همومه من أعلى نافذته السرية.. أحدهم تناول نظارته الطبية محاولاً رؤية ما يدور حوله بوضوح، ولكن هناك سلاحاً موجهاً خلف ظهره، يحول دون تحقيقه للعدالة.. نفذ! نفذ! نفذ! استسلم للظلم! اجحف حق غيرك تكن من المقربين.. وإن كان هناك شخص تحت إمرتك فاهضم حقه.. وعندما تتم محاسبتك على ذلك، صير أمينة رزق! وسيتم تصديقك حتماً.. احلف كذبا.. فكما يقولون "قالوا للحرامي احلف قال جاني الفرج".. وهكذا تسير الدنيا (بالمقلوب).. القلب قطعة صغيرة في جسد كل انسان.. ينبض في معظم الأحيان بصورة منتظمة، ولكن سرعان ما يعتري تلك النبضات خوف.. وقلق.. فتتسارع نبضاته.. إلى أن يجد محراباً يخفف جميع آلامه.. فالخوف الذي قد يقع وسط جوف ذلك القلب كمن يحذف أحدهم حجراً وسط نهراً ساكناً.. فيثير ازعاجه.. هناك جرح لم يندمل.. لا يوجد جرح لا يندمل يا " حضرت! " نعم ولكن قد يتعمد أحدهم وضع سكينه على جرح شخص آخر غدراً، وبها لن يندمل.. والبشر.. كقاعدة عامة أزلية أبدية: لن يُرضيهم شيئاً.. فمهما فعلت من أجلهم.. وسهرت الليل من أجل راحتهم.. فرضاهم غاية لا تُدرك.. ولن تُدرك.. فإن أرضيت أحدهم غضب عليك الآخر.. والحل الجميل والمريح هو: أنك تفعل ما يُمليه عليك ضميرك وأن تسير في طريق الصواب، ولن تُضيرك لومة لائم، مؤمناً بأن رأيهم ليس بمهم.. فاتركهم جانباً وألق ببقايا خيالاتهم المظلمة من نافذتك السرية.. أحدهم لديه مكتبة.. ملئت رفوفها مجموعة متنوعة من الكتب.. فينتقل من كتاب إلى آخر مندمجاً في كل سطر يقرأه، فتارةً يقرأ كتاباً عن مساعدة الذات، وتارةً أخرى عن كيفية التعامل مع الآخرين.. وبينما هو يغوص في عالم القراءة والبحث بين تلك السطور تجده يهز رأسه ايجاباً فيقول "نعم.. نعم.. ايوه.. هوه أنا كده واد حليوة "، وعندما ينتقل إلى عالمه الواقعي يعود إلى طبيعته الشرسة وكأنما لم يقرأ سطراً من تلك الكتب.. فلا تعامل.. ولا عمل.. ولذلك فإن هناك بشرا لا يقرأون.. وإذا قرأوا فإنهم لا يفقهون! بينما أنت تسير في طريقك.. ستسمع كلابا تنبح وراءك.. أو قطّاع طرق يودون لو أن يحولوا دون تحقيق هدفك وحلمك.. يحاولون بقدر حقدهم أن يدمروا طموحك.. لا تلتفت إليهم واستمر في السير بطريق الإيمان.. الحياة.. النجاح.. حافظاً ربك في نفسك.. حاملاً معك ذلك الطموح لكي تحققه.. وتاركاً وراءك تلك الكلاب تنبح.. وقاهراً قطّاع الطرق بقوة إيمانك.. ولا تنسى أن تصل إلى نافذتك السرية لكي تلقي همومك من أعلاها.. نقطة فاصلة: إن غبتُ فشرُّ النـاس يشتمنـــــي وإن مرضت فخير الناس لم يــعد وإن رأوني بخير ساءهم فرحـي وإن رأوني بشر سرّهـم نكــــدي من قصائد الشافعي — رحمه الله —