12 سبتمبر 2025
تسجيللطالما كان الجدل محتدمًا في أوساط المهتمين بعلوم الإدارة وتوابعها ما بين تعريف القائد والمدير، فالبعض لا يفرق بين القائد والمدير على أساس أن القيادة والإدارة وجهان لعملة واحدة، والبعض الآخر يرى أن القيادة تحتاج لمهارات مختلفة عن تلك التي يحتاجها المدير، وأن المدير الناجح ليس بالضرورة أن يصبح قائدًا ناجحًا، فكم من مدير ناجح فشل عندما أصبح الرجل الأول في المؤسسة. وقد نلاحظ تلك الضبابية في الفصل بين مفهوم القيادة والإدارة حتى لدى بعض المدربين المعتمدين ممن تقتصر خبراتهم على الجانب الأكاديمي من تعريفات الإدارة دون تطبيقاتها العملية، وهذا طبيعي جدًا لأن الجانب العملي في أي علم يعمل على تهذيب الفهم وتقريب الصورة من الواقع العملي المعاش. فعلى سبيل المثال يسمى الرئيس التنفيذي لمؤسسة ما قائدًا، وهذا صحيح إذا ما اعتبرنا أنه يقود الجهاز التنفيذي، كما أن مديري الإدارات هم قادتها لتنفيذ الأهداف المرسومة لكل إدارة، ولكن ماذا عن الجهاز الحاكم للمؤسسة؟ بمعنى آخر كيف نصف أعضاء مجلس ادارة المؤسسة؟، هل هم قادتها أم مديرونها؟، وماذا عن رئيس مجلس الإدارة هل نسميه قائدًا أم مديرًا للمؤسسة؟، أعتقد أن الأمر أصبح أكثر وضوحًا الآن، فنستطيع أن نسمي كل مدير قائدا في حين أن العكس ليس صحيحًا، وحقيقة الأمر أن مصطلحي القائد والمدير إذا اجتمعا افترقا واذا افترقا اجتمعا. في الآونة الأخيرة، وبعد أن انتهت إحدى الوزارات من صياغة رؤيتها، دعيت لتقديم محاضرة لمنسوبيها للحديث عن كل ما يتعلق بالرؤية وأهميتها، وما يتعلق بالرسالة والقيم والأهداف، فكان لابد من التطرق لمفهوم القائد والمدير من حيث إن الرؤية والرسالة والخطة الإستراتيجية تضعها القيادة ومن ثم يقوم الجهاز التنفيذي بوضع الخطة التنفيذية لتحقيق الأهداف الإستراتيجية ومن ثم تحقيق الرؤية. وبما أن الوقت المتاح للمحاضرة كان قصيرًا نسبةً لطبيعة الموضوع وتشعباته، وبما أن الخبرات والمستويات العلمية للحضور كانت متفاوتة، وذلك من التحديات التي قد يواجهها المحاضر، لذا استخدمت تكتيكا معينا لتبسيط الفكرة وإيصالها لجميع المشاركين على قدر المساواة، فكانت كلمة السر في المحاضرة هي استخدام الأسلوب الوصفي لإيصال الرسالة بدلًا من العرض التقديمي التقليدي المليء بالشرائح المكتوبة، لقد وضعت شريحة واحدة عليها صورة لباخرة سياحية وبدأ التفاعل مع الحضور بعدة اسئلة توصل الجميع بعدها لفم عميق لمعنى الرؤية والرسالة والقيم والأهداف الإستراتيجية وتلك التشغيلية، وبدا الفرق واضحا لدى المشاركين بين القيادة والإدارة. إن من مميزات الأسلوب الوصفي أو التمثيلي في العروض التقديمية أنه يطلق خيال المشاركين، اذا ما تم اختيار الصورة المناسبة للموضوع، ثم يترك لهم المجال للتعبير عن آرائهم ووصولهم جميعًا إلى فهم مشترك دون استخدام الأسلوب التقليدي التلقيني الممل، علاوة على ذلك فإن الصورة اكثر التصاقًا بالذاكرة من الكلام المكتوب، وتسهل عملية الإدراك على المتلقي، واستخدام الصور والأمثال هو اسلوب قرآني حكيم إذ قال تعالى «وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ».