11 سبتمبر 2025

تسجيل

أصفر والنيّة خضراء

17 يناير 2022

*نموذج المواطن العربي المثالي، الذي يُنفّذ تعليمات الحكومة بكلّ حذافيرها، إذ «لُقحّتُ» بالجرعة الثالثة من اللقاح المضاد لكوفيد، وبعد 6 أيام التقطتُ العدوى، شعرتُ بـ»جفاف وشوكة» في الحلق وكحة، عزلتُ نفسي بعد الضغط على رمز «النجمة» حتى يأذن الطبيب لي بتحديد موعدٍ للمعاينة، وحجزتُ موعدًا لإجراء اختبار الـ»بي سي آر» في العيادات الخاصة بحسب التعليمات، عايني الطبيب وقال التهاب حلق، ولا داعٍ لـ»بي سي آر» تناولي هذا المضاد «الفعّال لكل شيء» بحسب الطبيب. قناعتي دفعتني للمضي قدمًا في الفحص المخبري، والامتناع عن تناول المضاد قبل التأكد من النتيجة، انتظرتُ النتيجة على مدار 4 أيام، فإذا بي «متفاعل» و»كودي الصحيّ» أصفر. ولأني مواطن عربي صالح، أحصيتُ 6 أيام من تاريخ اول مسحة، وأجريتُ مسحة ثانية بحسب «البروتكولات المتبعة»، ولدى دخولي إلى العيادة الخاصة لإجراء الفحص بـ»الكودي الأصفر»، هلع رجل الأمن ورافقني كالمجرمين إلى غرفة الفحص. التزمتُ بتعليمات المهلوع، ونبهتُ أخصائي المختبر أني «صفراء» اللون؛ ومن الأصفر انتظرتُ 3 أيام جديدة لانعكاس نتيجة «الفحص السريع»، الذي تحوّل فيما بعد إلى أحمر. ما زلتُ منعزلة لأن كودي الصحي أحمر، رغم تصنيفه لي أني «متعافية»، وبين رحلة الأصفر باتجاه الأحمر العزلة مستمرة لغاية 14 يوما.. الخلاصة: المواطن العربي الصالح الذي ينفذ التعليمات تطول عقوبته، مقارنة بمن كان «فاعلًا» وكحّ، وبصق، وطنّش، وسار بين الناس قائًلا «ما فيني شي، زكام، وجيوب أنفية».. التزامنا بالمسؤولية المجتمعية أمانة ولو دفعنا ثمنها من صحتنا النفسية. *الصحة النفسية للموظفين في بداية العام الجديد، مرتبطة بالتقييمات السنوية. قد تشعر أنك تستحق أعلى تقييم، بينما يرى من يُقيّمك أنك «ثقيل الدم» فلن تنال الرضا لأسباب سيكولوجية لا علاقة بمسيرتك المهنية. تقييم البشر لبعضهم البعض فانٍ، فلا تجعله همًا ولا غمًا، ولا تبخس قيمتك في مستنقع المداهنة الوظيفية، بل احتسب عملك عند الله أجرًا» وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى». *رؤية الوفود الثقافية الزائرة لمعرض الدوحة الدولي للكتاب هذا العام تحمل نكهة حلوة تستطعمها حتى لو فيك كورونا، فرحلة العودة إلى الأصالة والسفر عبر الأزمنة ستجدها بلا شكّ بين الكُتب، حيث النقاش بالأفكار، والمحتوى، هو سيّد الموقف، واستكشاف الكتب متعة توازي التعرف على ثقافات مختلفة، ومساحة فكرية لا يشوبها طنين «إنفلونسر» ولا تملق مؤثر. *مؤثر هو مشهد المُسنين في لبنان وهم يُهانون على أبواب المصارف لأنهم يريدون استرداد أموالهم من أجل الخبز والدواء، ومؤثر هو خبر المساعدات الغذائية التي تُرسل للأجهزة الأمنية اللبنانية لإبقاء هذه التركيبة السياسية الهشة والرخوة على قيد الحياة، ومؤثر أيضًا مشهد إعلان «مُنجمّة» لبنانية عن ظهور من يدّعي أنه «نبيّ» للبشرية. لم تتحرك القوى الأمنية لإلقاء القبض على مدّعي النبوة، فالسلطات منهمكة بمطاردة المغردين المتهمين بـ»المس بهيبة الدولة».. في بلادنا المسّ بهيبة السياسي ممنوع، أما المسّ بالرُسل السماوية حرية تعبير. *السماء في قطر تلبدت بالغيوم، وأمطرت -لله الحمد- بعد طول انتظار في ظلّ ما يواجهه العالم من تغيّر مناخي. وفي طرفة تتكرر مع كلّ «مطر» يُشبه السكّان في قطر الأجواء بـ»اللندنية»، وحتى بأن بعض وسائل الإعلام استخدم هذا المصطلح في دلالة على أن الارتباط التاريخي والثقافي يبقى في مكنونات الشعوب، تمامًا كما بقيت فرنسا «الأم الحنون» في وجدان اللبنانيين المتصالحين حاليًا مع الــ»أوميكرون» لأنها وقع الكلمة فرنسيّ. *بين الفرنسية والإنجليزية، تاهت اللغة العربية التي لم تعد تسعفنا في طرح أفكارنا، الشهادة التعليمية الصادرة من جامعة عربية، تحتاج لتصديقات مختلف الجهات المحلية والدولية والأممية، وقد يُطلب منك إحياء أستاذتك من مرقدهم لتثبيت أنك كنت طالبًا عندهم صباحي أو مسائي، مستقبلك هالك لا محالة.. «اعوج لسانك» واحصل على ورقة مختومة ومُصدّقة من «ليزا» وأمورك طيبة. *طيّبٌ هو من يتابع الأخبار الصحية ويثق بأن الجائحة سيُنهيها الباحثون والعلماء في مجال الصحة. كبار المستثمرين ورجال الأعمال الرابحين مثل «بيل غيتس» يُصرّحون ويُحددون موعد انتهاء الجائحة ورزنامة «الجوائح» المقبلة، العالم ينصت لهم دون تشكيك لأنهم يترأسون «جمعيات خيرية» ومنظمات غير ربحية.