05 أكتوبر 2025

تسجيل

الموت يأتي بغتة

17 يناير 2021

أمر جلل أن تتفاجأ أن عزيزاً على قلبك وجزءاً كبيراً منه قد ذهب بلا رجعة ولن تراه إلا بإرادة الله تعالى، خبر يأتيك بغتة بمن كان معك منذ لحظات أو ساعات قليلة لتراه أمامك مسجيا على فراش أبيض لا ينطق ولا تدرك هل يسمعك أم لا؟ شعور قد لا يوصف عندما تسمع الأم بأن فلذة كبدها الذي حملته في أحشائها تسعة أشهر ورعته رضيعا وربته طفلا وفرحت به خريجا ثم زفته عريسا وسعدت به أبا، أنها فقدته في حادث سيارة أو غرق أو تسابق أو (موت الفجأة)، (الموت يأتي بغتة وأنتم لا تشعرون)، وقد ذكر الله عز وجل في كتابه الكريم (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ). فالأم هنا تكون في حالة من فقدان التوازن والألم الذي لايمكن أن يصفه أحد فقد قبض الله فلذة كبدها ولن يصبرها عن هذا الفقد إلا الله عز وجل الذي وعد من احتسب هذا الأمر وصبر فله بيت في الجنة، ولذا فالمؤمن يحتسب ما ابتلي به ويصبر، فيا قلب الأم الصابرة فلا جزاء لها إلا الجنة ! نعم لا أحد يدرك متى أجله، ولا متى سيرحل عن هذه الدنيا الذي يستمتع بملذاتها ويريد المزيد منها ولا يشبع مما حصل عليه، بل يقاتل ويخاصم حتى أقرب الأقربين ويقاطع أرحامه وحتى والديه من أجل حفنة من المال أو قطعة من الأرض، وقد يأتيه الموت وهو على حالة من الغضب والحقد على من خاصمه وطالبه بحق، لا يرضى بالصلح ولا أتصور بالعفو عن أي أمر يخص هذه الدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة! وتظل الخصومة في ذريته لا تنتهي وتكبر الأحقاد والكراهية من أجل متاع الدنيا، والكل في غفلة ولهو عما سوف يقابل بعد الموت، وقد تنتقل إلى أجيال دون وعي ولا إدراك أن كل ما على هذه الدنيا إلا أنه زائل ولا يستحق البكاء عليه. فمتى سندرك أننا ضيوف في هذه الحياة وأنها ممر للآخرة وليست دار استقرار؟ ويعمل لدنياه كأنه يعيش أبدًا، ويعيش لآخرته كأنه يموت غدا. وبالأمس فقدنا شابا عاش بيننا محبوبا صادقا ونسمة باردة تمر علينا دون أن تضرنا، ابتسامته تملأ وجهه، قلبه يتسع لحب الجميع وخاصة المساكين يده تمتد لهم بالعون، لا يرضى بما لا يحبه الله، فقدناه ولكنه ما زال بيننا رحمك الله يا جمعة وأنار قبرك وآنس وحشتك وصبر أهلك ورحم شباب المسلمين وجميع موتاهم. [email protected]