14 سبتمبر 2025
تسجيلتبذير، إسراف، إنفاق بلا حدود على الكثير من الكماليات التي أصبحت تشغل بال العديد من الأسر والفتيات والشباب، سواء كان ذلك في اللبس أو الأكل أو الترفيه وإقامة الحفلات والمناسبات حتى منها ما يمت للعزاء!!نعم، أصبحت المظاهر والتباهي في كل شيء، فمن لا يشتري أحدث سيارة ويبدلها كل عام أو على الأقل كل عامين لا يمت لفئة معينة ارتبطت في أذهان البعض، ومن لا تشتري ساعة معينة ومن ماركة خاصة ولا ترتدي أحدث الماركات العالمية وتمسك بيدها شنطة بأقل الأثمان فقد توصف بالبخل والتقشف والحرص على المال!ومن لا يقيم حفل زفافه في أحدث وأكبر الفنادق، وينظم حفلته من أغلى محلات التنسيق للمناسبات ويقدم أفخم المأكولات ويستجلب أشهر المطربين والمطربات فهو لا علاقة له بالطبقة المخملية وقد لا يقدر من قبل البعض.ومن لا يقدم لمناسبة معينة عنده أطيب المأكولات والأطباق التي تغطيها الخرفان بجانب البوفيه من أفخم الفنادق فهو لا يقدر من استضافه في هذه المناسبة وقد يتهم بالحرص على المال لدرجة البخل.ومن لا يقدم العشاء لأهل العزاء في أحد الموتى رحمهم الله، ويتضمن أغلى الولائم ومن أفخم الأماكن لدرجة أن هذا الطعام قد لا يمس من قبل أحد من كثرته، فيطلب وقتها من خدمة وحفظ النعم، الحضور لتوزيعه على الفقراء والمحتاجين.ومن لا يسافر إلى الدول الأوروبية أو الأمريكية في وقت الإجازات الطويلة والدول الآسيوية في الإجازات القصيرة، وينفق الأموال الطائلة هناك فهو مقصر مع عائلته ويبخل عليها.ومن لا يبني بيته بأغلى مواد البناء، وينفق على ديكور المنزل وأثاثه من الدول الخارجية ويختار المهندس المشهور فهو لا يثمن معنى أن يكون "بيت العمر"!في كل تلك الأحوال السابقة، فإن الإنسان ينفق الأموال الطائلة حتى لو اضطر أحياناً إلى بيع بعض ممتلكاته أو الاستدانة من البنوك وغيرها، مما يجعله مقيداً بالقروض الطويلة التي تزيد قيمتها مع الفوائد الكبيرة التي تفرضها البنوك، ويظل الدائن لا يقدر أنه قد وقع في فخ "الدين" ولن يخرج منه إلا بشق الأنفس وبعد سنوات قد تطول، وقد لا يسددها قبل موته!وللأسف أن ثقافة الإسراف والتبذير قد انتشرت في مجتمعنا وذلك بسبب الرفاهية التي يعيشها المواطن وما تقدمه له الدولة من خدمات، إضافة إلى أن هذه الثقافة قد أوصلته إلى سلوكيات خاطئة منها القروض التي يستدينها من البنوك – كما ذكرنا سابقا – والغفلة عن أهمية النعم التي أنعمها الله علينا في هذا الوطن والخير الذي نعيش فيه وعدم تقديرنا لهذه النعم وكما يقول المثل "النعمة زوالة" ومعنى ذلك أن من لا يقدر النعمة التي يعيش فيها ويستخدمها بشكل سيئ وسلبي، فإن الله عز وجل سيزيلها عنه، وسوف يندم حيث لا ينفع الندم بعد أن يضيع كل ما لديه ويقيد بالديون والقروض التي تجعله يدور في دائرة مغلقة من القلق والتوتر، وقد يصل بالبعض للأسف إلى السجن بسبب الديون التي لم يستطع تسديدها.إن ثقافة الإسراف تقابلها ثقافة الادخار وترشيد الإنفاق، وإعمال العقل فيما ننفق بعيداً عن المظاهر الزائفة والبهرجة الزائدة التي قد تجر علينا المصائب، ومسؤوليتنا نحن الأسر أن نفيق من الغيبوبة واللامبالاة التي نعيشها في جل هذه النعم، التي أنعم الله علينا، وندرك أهمية أن ننشئ أطفالنا على أهمية الادخار والاستثمار بما ينفع، وعدم اللهث وراء المظاهر وتقليد أصحاب رؤوس الأموال، وترشيد الإنفاق حسب قدراتنا المادية، بحيث نمتع أنفسنا ولكن بأقل التكاليف ودون الإسراف والتبذير الذي لا يحبه الله حيث قال: "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين".