16 سبتمبر 2025
تسجيلأعلم تماما وأنا أهم بالجلوس أمام جهاز الكمبيوتر وأتأهب لكتابة هذا المقال أن ما دار فى ذهنى حول الإختلاف بين الولد والبنت من الناحية السلوكية سوف يثير العديد من الإختلافات فى الرأى بين المهتمين بالتربية وعلم النفس .. فقد أثبت العلم الحديث بشكل قاطع لا يدع مجالا للشك أن هناك فروقا جوهرية بين الجنسين .. أى بين الولد والبنت .. والفتى والفتاة فيما بعد .. وأخيرا بين الرجل والمرأة .. فما هى هذه الفروق ؟ ومتى تبدأ فى الظهور ؟ وهل لها تأثير ملموس على سلوك كل منهم ؟ يؤكد علماء النفس ويؤيدهم فى ذلك أطباء المخ والأعصاب أن هناك إختلافات جوهرية فى البنية structure والوظيفة function بين مخ الولد والبنت وأن هذه الإختلافات تنعكس على سلوك الجنسين وأنشطتهم العقلية ومشاعرهم وإنفعالاتهم .. فما هو السبب أو الأسباب التى تقف وراء ذلك ؟ هل هى الجيناتوالهرمونات ؟ بمعنى أنها عوامل فطرية innate factors .. أم أن ذلك يرجع إلى التربية والبيئة ؟ وفى هذه الحالة تكون مكتسبة acquired بفعل تأثير العوامل الثقافية التربوية المكتسبة .. مما يعنى التنشئة upbringing .. أم أن تلك الإختلافات – كما يرى فريق ثالث – يرجع إلى الجينات والهرمونات بالإضافة إلى التربية والبيئة .. بمعنى أنه يدمج بين الرأيين الأول والثانى . وفى هذا السياق نود أن نؤكد أن الجميع من أصحاب الآراء الثلاث أو الإتجاهات السابقة قد إتفقوا على أنه لا توجد فروق فى المستوى الكلى للذكاءoverall level عند القياس بمعامل الذكاء IQ .. ولكن توجد إختلافات فى أنماط الذكاء والقدرات الذهنية فى الموضوعات المختلفة . كما يعترف أصحاب الآراء الثلاثة بأن هناك إختلافات بين مخ الذكر والأنثى .. حيث نجد أن مراكز مخ الذكر قليلة التواصل ببعضها وأنها تركن إلى الراحة أثناء النوم بينما تكون مراكز مخ الأنثى شديدة التواصل وتستمر فى عملها خلال النوم .. ولعل هذا ما يفسر لنا أن الغالبية من الذكور - وليس الجميع - يكون لديهم أذهان تخيلية ويكونون أكثر تميزا فى الرياضيات والتخطيط بينما تكون الإناث أكثر مهارة فى اللغويات وأقدر على إدراك ما يدور فى عقول الآخرين .. وهذا يفسر لنا - وإن كنا لا نستطيع التعميم - السبب فى ميل الأولاد لدراسة العلوم التطبيقية والرياضيات فى الوقت الذى تميل فيه البنات إلى دراسة العلوم الإنسانية واللغات . ونأتى الآن إلى السؤال الهام .. ما هى هذه الفوارق والإختلافات أو التمايز - كما يطلق عليه البعض - ومتى تبدأ فى الظهور ؟ يرى علماء النفس أن هذه الإختلافات تظهر بعد ساعات من الولادة حيث تم رصد النقاط التالية : - تكون البنات أكثر هدوءا وأقل صراخا وحركة وأكثر استجابة لمحاولات التهدئة بالغناء أو الهدهدة ويتعلقن بالوجوه أكثر من الذكور الذين يتعلقون بالأشياء . - ومن الطريف - تأكيدا لذلك - ما يتناقله كبار السن من أن الأمهات فى الماضى كن يدركن أنهن حوامل فى جنين ذكر إذا كان كثير الحركة . - أيضا تكون البنات أكثر قدرة على الاحتفاظ بنظرات الآخرين إلى عيونهن لمدة أطول . - ومع مرور الأسابيع تصبح الفروق أكبر فتكون البنات أكثر تجاوبا مع محاولات اللعب معهن ويظهر الإهتمام باللعب بالعرائس واضحا .. بينما يفضل الصبيان اللعب بالعربات والمسدسات . - عند محاولات بدء الكلام تكون البنات أسبق ويصبحن أكثر قدرة على التعبير عما فى أنفسهن وعما يرون .. ويكون ذلك بشكل واضح وملموس . - وأيضا عند البدء فى محاولة المشى تكون البنات أسبق من الأولاد وأكثر مقدرة . - وعند الإلتحاق بالحضانة فى البداية يكون من الصعب أن تترك البنت أمها تنصرف وتتركها ويكون ذلك أكثر سهولة بالنسبة للولد .. وهذا يعنى أن درجة تعلق البنت بأمها تفوق الولد . وبعد تجاوز فترة دخول الحضانة وما يمكن أن يحدث خلالها فى الأيام الأولى .. وعندما يستقر الأطفال فى الحضانة فإننا نلاحظ الفروق التى سترد فى السطور التالية والتى من المرجح أن تستمر حتى سن التاسعة " منتصف المرحلة الإبتدائية تقريبا " : - الأولاد يحتاجون إلى مساحات واسعة للجرى مادين أذرعهم كما الطائرات ويلعبون ألعابا عنيفة ويسقط بعضهم فوق بعض .. والبنات لا تحتاج إلى مساحات كبيرة فهن يتجمعن فى أحد الأركان يتحدثن ويلعبن ألعابا أقل خشونة . - الأولاد يسعون لمصادقة من هم أكبر منهم سنا ويقبلون صحبتهم بينما البنات يقبلن صداقة من هن أصغر . - الأولاد يميلون إلى مشاهدة مسلسلات العنف والتى يتم الرد فيها على العدوان بالإنتقام بينما البنات يقفن مع الضحية المنكسر . - فى هذه المرحلة أيضا تكون البنات أكثر براعة فى فهم المشاعر وقراءة القصص وفهمها فى الوقت الذى يكون الأولاد فيه أكثر ميلا للعناد . - وعند العاشرة من العمر ومابعدها تجلس البنت فى هدوء ممسكة باللاب توب لتدون مذكرات يومها ثم تندمج فى الحوار الأسرى بينما يفضل الولد ألعاب الكمبيوتر والخروج من المنزل واللعب مع أقرانه . - وعند اللعب يفضل الأولاد أيضا العنف والجرى والمبارزة وتسلق الأشجار وتستمر لديهم الرغبة فى اللعب بالمسدسات والسيارات والقطارات وألعاب الفك والتركيب .. فى الوقت الذى تميل فيه البنات إلى الرياضات الخفيفة والهدوء والسكينة واللعب بالدمى والعرائس مثل باربى وغيرها . - وفى مرحلة البلوغ يكون الأولاد أكثر عدوانية من البنات ويميلون إلى إستعراض العضلات والمواجهة المباشرة مع الأقران بينما تميل البنات لإستخدام " عضلات اللسان " والتكتيكات العدوانية لمن يضايقهن ويملن إلى النميمة والتحدث بصوت منخفض عمن يضايقهن . - وفى مرحلة البلوغ أيضا يميل الأولاد إلى التفكير المستقل وتكون نزعتهم للسيادة وحب الرئاسة واستعراض القوة والفخر بها واضحة بينما ترى البنات أنهن جزء من مجموعة مترابطة ويشعرن بالتهديد إذا حدث إنشقاق فى علاقتهن وهو الأمر الذى لا يلقى له معظم الأولاد بالا . وفى كل ما سبق نود التأكيد على نقطتين فى غاية الأهمية .. أولهما أن كل الصفات والسلوكيات والتمايز بين الأولاد والبنات التى ورد ذكرها فى هذا المقال لا يمكن تعميمها على إطلاقها ولكنها تمثل الأغلبية كما جاء فى دراسات علماء النفس .. وثانيهما أن كل هذه الفوارق فطرية ويتوجب على المعلمين والمعلمات وأولياء الأمور مراعاتها حتى تتحقق التنشئة السوية .. كما يجب الإنتباه إلى أنه إذا كان السبب فى هذه الفروق هى الجينات والهرمونات الجنسية فإن الجنين – وهذه حقيقة علمية ثابتة – يكون فى الأصل أنثى ويبدأ الجنين الذكر فى فرز هرمونات الذكورة مما يحول الأعضاء التناسلية الأنثوية إلى ذكورية وتظل الأنثى كما هى .. وهذا معناه أن الأنثى هى الأصل .. سبحان الله . وإلى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله .