11 سبتمبر 2025
تسجيللاعبون دوليون وإقليميون كثيرون تلتقي وتتقاطع مصالحهم في جنوب السودان، الدولة الموعودة بمستقبل زاهر متى تحقق لها الاستقرار السياسي الذي يمكنها من التفرغ لتنمية مواردها الكبيرة في مجالات الزراعة والبترول والمعادن والثروات الحيوانية والسمكية.. فهناك الصين السابقة باستخراجها لكميات كبيرة من بترول جنوب السودان، والتي ما زالت تسعى إلى تطوير اكتشافاتها بصورة دؤوبة ولا تشكو إلا من عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي يخرّب جهودها.وهناك الولايات المتحدة التي تأمل في استعادة ريادتها في المجال البترولي الذي ابتدرته شركة شيفرون الأمريكية على عهد الرئيس السابق جعفر نميرى.. أما في المحيط الجغرافي المجاور، فينظر جيران الجنوب الكينيون والتنزانيون واليوغنديون بأمل حميم إلى ما سوف توفره لهم الصناعات البترولية السودانية الجنوبية من حاجيات في مجال الطاقة بأسعار أقل، كما ينظرون إلى تأسيس علاقات تجارية متينة مع الدولة الوليدة خصوصا في مجال تجارة الترانزيت مع الدولة التي ليس لها أي منافذ بحرية مع العالم الخارجي، إلا عن طريق هذه الدول. لهذا السبب تبذل الولايات المتحدة والصين جهودا كبيرة لاحتواء النزاع الدموي المسلح بين فرقاء الدولة الوليدة. أما دول الجوار الإفريقى، فحرصها على حماية استقرار الدولة الوليدة يترجمه إعلان الرئيس اليوغندي العلني بأن دول شرق إفريقيا سوف تتدخل عسكريا لحماية استقرار دولة جنوب السودان الوليدة. الرئيس اليوغندى، يوري موسيفيني، هو الرئيس الأقدم في الإقليم، والأكثر ديكتاتورية فيه، وعندما يهدد المعارضة المسلحة بهذه اللغة العسكرية الفجة، فهو يستفز المعارضين المسلحين بقيادة الدكتور رياك مشار، ويستدعى حساسيات طبقات مثقفي شعوب شرق إفريقيا إزاء تاريخ ديكتاتوريات الإقليم الملطخ بدماء الشعوب المنطقة من أمثال تشومبي، وموبوتو، وعيدي أمين، وفيدل بوكاسا. ويوفر حمية للمعارضة المسلحة التي بإمكانها ضرب أمل الإقليم في جيرانهم الجدد في أن يكفى زادهم أهله ويفيض منه شيء للجيران. الرئيس اليوغندي الذي قاد كل حروبه ضد الرئيسين السابقين، ملتون أبوتي وعيدي أمين، باستعمال الزراع القبلية ما كان ليفوت عليه حجم الاستفزاز الذي تفجره تصريحاته في نفوس المعارضة المسلحة التي هي ليست نويراوية (نسبة إلى قبيلة النوير)، بقدر ما هي معارضة الحانقين لأسباب شتى ومن فرعيات اجتماعية وإثنية وقبلية شتى تترجم كيفية تكوين وفد المعارضة المفاوض المتعدد الإثنيات، ويكفي أن يكون فيه ابن الدكتور جون قرنق زعيم الحركة وأن تكون السيدة ربيكا قرنق، أرملة الدكتور قرنق، مؤسس الحركة الشعبية، التي فرضت قيام دولة جنوب السودان بقوة السلاح وقوة التفاوض معا، أن تكون صاحبة الصوت الأعلى من بين معارضي الرئيس سيلفا كير، كما يكفي أن يكون من قادة المعارضة المسلحة السيد دينق الور، الساعد الأيمن للدكتور جون قرنق، وباقان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية، الذي عزله الرئيس سيلفا كير، تحوطا من منافسته له على زعامة الحركة الشعبية في المستقبل، السلام والاستقرار في جنوب السودان هو حاجة محلية وإقليمية ودولية، تطوير الاكتشافات البترولية في جنوب السودان إلى المستوى الذي يجعلها تلبي احتياجات أهل الدار والجيران ثم يفيض الفيء منه إلى العالم الأرحب هو أمل ومبتغى إستراتيجي للجميع يمكن الوصول إليه بالتراضي وليس بممارسة ديكتاتورية محلية جديدة أو بممارسة الحرب أو بالتهديد بها.