10 سبتمبر 2025
تسجيلحين نحب بعمق ويخذلنا الطرف الآخر، أو يختفي من حياتنا بالموت وتسقط مشاعرنا فجأة من قمة الحب إلى القاع، نرفض غالباً أن نحاول أن نتسلق مرة أخرى في محاولة للوصول لنفس القمة كي نعيش مشاعر حب جديدة تكون كالبلسم الشافي لكل جروحنا. سمعت حواراً لفت انتباهي في أحد الأفلام الأجنبية، حين تحدثت بطلة الفيلم مع صديقتها، وقالت إنها عندما أحبت للمرة الأولى في حياتها، ثم تركها وتخلى عنها من تحب وهي في أوج مشاعر الحب نحوه، أصبحت تحدث نفسها متسائلة) أهذا هو كل الحب في الحياة؟ وهل استنفذته؟) لكن الحياة مرت بها وعادت لتعيش نفس مشاعر الحب وتتزوج وتعرف الحب في أوجهه الكثيرة التي تملأ الحياة. مثل هذه الكلمات تعيد إلى ذاكرتي بعض الوجوه التي صادفتها في حياتي، التي ربما تعلمت منها شيئا وإلا لما التصقت بذاكرتي بهذه القوة ورفضت أن تسقط في قعر النسيان، كان أحد تلك الوجوه لسيدة خليجية شقت لنفسها طريقاً عبر حب كل ما في حياتها فقد فقدت ابنها الوحيد الشاب في حادث أليم فتفككت حياتها وهجرها زوجها وانسحب من حياتها، فعادت لتبني نفسها بالحب الذي فقدت أكثره وتزوجت بآخر بعد سنوات ورغم إنها لم تنجب فإنها أحبت قدرها وحياتها الجديدة المليئة بالعمل والصداقات، متذوقة بعمق أنواعا أخرى من الحب. أما الوجه الآخر فقد كان لزميلة قديمة كانت تكن لزوجها كل الحب والاحترام، تعيش في دائرته وتتذوق الحياة من خلاله، وبمرور الأيام سمعت بمعاناتها وألمها لأنه تزوج بأخرى، ولأن حبها له كان أكبرمن كل شيء، عادت لتعيش في دائرته وتقبل بكل ما يجود به من فتات الحب ولا تأبه إن تزوج بأخرى وأخرى، لكنه وفجأة بعد سنوات اختار بنفسه بقرار ظالم الانفصال عنها بالطلاق الذي أنهى كل ما بداخلها من حب وجعلها تنهار. ولست ألومها إن تعرضت للانهيار، لكنني أكره الاستسلام والضعف رغم أني لا ألوم أصحابه، ولا يمكن أن أتوقع أن يحاول من سقطت مشاعره في القاع أن يتذكر أن يحاول أن يتسلق نحو قمة الحب مرة أخرى، فالسقوط دائما ما يأخذ من العزيمة، فغالبا ما يخالج الإنسان هاجس يعيش معه بأن ليس هناك ما يمكنه إصلاح ما انكسر، وليس هناك بعض من حب قد يعود، وكأن العالم قد انتهى والحياة قد توقفت. لكن الشيء الوحيد الرائع الذي يميز الحب أنه يستطيع أن يستعيد قوته وعافيته، فهو ما لا يتوقف فيه نبض الحياة، وتستطيع خلاياه التي قد نعتقد بأنها ماتت أن تعود تبني نفسها بقوة ولا تتوقف لأن أحدا قد جرح أو رحل. فالحياة فيها الكثير من الحب، والكثير من التعويض الذي قد لا نشعره في لحظات الألم واليأس، فأول هذه التعويضات عن كل ما فقد من حب وأعظمها نعمة النسيان التي تهيئ الإنسان كي يعود يبني نفسه، كي يحب ويبني مشاعره، وكي يعيش حياته كما يريد بشكل جديد. لنحيا بالحب، ونداوي جروحنا بالحب، إنه أكثر مما نعتقد، وأعظم مما نتصور، لنغمر حياتنا بالحب وحده.. وبقلوبنا معا يتجدد الحب. [email protected]