10 سبتمبر 2025

تسجيل

المجلس المنتخب بين الواقع... والمأمول

16 ديسمبر 2021

خلال الفترة الماضية، تصدرت مستجدات مجلس الشورى عناوين الأخبار، وما زالت، إلا أنها لم تعد كالسابق، فقد انتقلت بسرعة من التطلع والترقب، إلى الحكم النهائي لدى البعض، وإصدار أحكام باتَّة غير قابلة "للاستئناف". ربما يعود ذلك إلى الصورة المنطبعة في المخيلة عن المجلس المنتخب، دون النظر بموضوعية إلى الأدوات الدستورية التي يستطيع المجلس من خلالها أن يمارس صلاحياته. من ناحية أخرى، يرى البعض أن وجود مجلس أسهم هو شخصياً في "تشكيله"، يمثل له متنفساً يستطيع من خلاله التعبير عن نظرته السلبية ورفضه للواقع، حتى مع المبالغة في الحكم والتخوين والانتقاص. لست بصدد الدفاع عن المجلس، فالمجلس يمتلك من الأدوات والإمكانات ما تسمح له بالدفاع عن كيانه، إلا أنني أعتقد أن النظر بموضوعية لهذا الأمر يجنبنا الوقوع في سوء الظن والتعجل، ومن الطبيعي أن رفع سقف التوقعات بشكل مبالغ فيه يولد إحباطاً وصورة مغايرة للواقع. في الجلسة الأخيرة، أحال المجلس قانوني التأمينات الاجتماعية والتقاعد العسكري "اللذين طال انتظارهما"، إلى لجنة مختصة لدراستهما وإعطاء الرأي بشأنهما، إلا أن ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي كانت متباينة بشكل كبير، فمن مطالب بسرعة إقرار القانون "دون اطلاعه على مواده وحيثياته" إلى الجزم بأن القانونين لن يحظيا بالفرصة الكافية للتثبت من تغطيتهما لكافة الجوانب الكفيلة بتحقيق العدالة الاجتماعية للمستفيدين منهما. في واقع الأمر فإن تباين الآراء أمر طبيعي وغير مستنكر، إلا أننا نتحدث هنا عن القفز على النتائج وحرق المراحل قبل أن يتبين لنا الخيط الأبيض من الأسود حول أي موضوع، فحتى مع صدور بيان مجلس الوزراء الموقر الذي تناول أهم ملامح المشروعين، إلا أن هناك التباسا لدى الشارع حول ما تعنيه بعض المصطلحات، وهذا أمر طبيعي كون البيان لم يشر سوى إلى ملامح عامة، إذاً كيف لنا أن نتأكد من كافة جوانب وحيثيات الموضوع، وكيف استطعنا أن نحكم بأن أعضاء مجلس الشورى لن يكونوا حريصين على استيضاح كافة جوانب المشروعين قبل إقرارهما. أعتقد أنه من الضرورة بمكان، أن تكون نظرتنا للواقع أكثر موضوعية، ومع الإقرار والتأكيد على أن الانتقاد أمر لابد منه ويعد مؤشراً صحياً ومقوماً للسلوك الخاطئ في المجتمع، إلا أنه لا يمكن اعتباره غاية نهائية، بل وسيلة لإيصال الرسالة والفكرة وتقويم الخطأ، مع ضرورة أن يكون ذلك الانتقاد مبنياً على أسس موضوعية بعيدة عن الشخصنة. أيضاً ينبغي أن نكون أكثر واقعية فيما يتعلق بإمكانات وصلاحيات المجلس، لا يمكن للمجلس سواءً كان منتخباً أم معيناً أن يمطر علينا السماء ذهباً! أو أن يحل مشاكلنا ويلبي تطلعاتنا من خلال عقد جلسة، أو اجتماع، إن المجلس شئنا أم أبينا هو انعكاس لواقعنا، ولتحسين ذلك الواقع لابد من تحسين ممارساتنا وأن تكون المطالبات مبنية على أسس يمكن تطبيقها من خلال الأدوات الموجودة، والابتعاد عن لغة التخوين دون أن يكون لدينا مستمسك واضح، وأن نعطي الفرصة والثقة ولو جزئياً للكفاءات الوطنية المشهود لها في المجلس دون أن يتجاوز سقف توقعاتنا الممكن والقابل للتطبيق.