13 سبتمبر 2025

تسجيل

كأس العالم والفرصة التاريخية

08 ديسمبر 2022

في البداية ننتهز الفرصة لنبارك للمغرب الشقيق فوزه المستحق على غريمه التاريخي، وتمنياتنا له بالتوفيق في مبارياته القادمة، ولا يسعنا الا أن نعبر عن فرحتنا بتلك الانتصارات "الكروية على الأقل" على أوروبا. وبالحديث عن أوروبا، فقد أثبتت لنا "لعبة" كأس العالم مدى تقارب الشعوب العربية، واستعدادها لنسيان أو تناسي الخلافات والاختلافات، من جانب آخر أثبتت لنا أيضاً مدى الحقد الذي يحمله بعض متوهمي التفوق علينا، وأنه لن ترضى عنك "أوروبا" حتى تتبع ملة الشذوذ والانحلال. لا أظن أنه بات يخفى على أحد مدى الفوقية التي تمارسها أوروبا ودول الغرب على دول العالم العربي والإسلامي، عبر اختلاق قضايا ومواضيع هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع، وممارسة الابتزاز السياسي والاقتصادي، ومن ذلك ما حدث مؤخراً مع إحدى الدول الأوروبية، والذي وصف سفيرها في الدوحة، بلاده بأنها "أضاعت الثقة مع القطريين" خلال الأسابيع الأخيرة بعد أن حازت عليها، داعياً إياها في رسالة مسربة إلى "تغيير الأسلوب المتّبع مع قطر". وهو ما يدل على أن الذين هاجموا قطر راهنوا على الحصان الخاسر حتى وفق "نظرتهم البراغماتية"، كما أثبت لنا أيضاً أن ملفات وقضايا قد نراها بعيدة عنا قد تصبح خنجراً في خاصرتنا كالمثلية التي تضخمت وأخذت أبعادا لم نكن لنتصورها قبل سنوات قليلة. ولنحقق الاستفادة من هذه البطولة ليس على المدى القريب وحسب، بل على المدى البعيد أيضاً، ينبغي علينا أن نعتبرها فرصة تاريخية لتصحيح كثير من الأمور، فالأمر ليس كأس عالم وحسب، وقضية الشذوذ لا تتعلق بالشذوذ وكفى، الأمر أكبر من ذلك، أنه يتعلق بالنظرة الفوقية والابتزاز، وهنا يجب ألا نكون حسني النية دائماً، وأذكّر هنا بما شاهدناه جميعاً من ارتداء بعض الجماهير للباس "الحروب الصليبية" ومحاولة دخولهم للملاعب بذلك اللباس، ناهيك عن الشارات الملونة التي أصبحت في وعينا الجمعي "قبيحة"، من قبل مسؤولين ومدربين وصحفيين! في رسالة واضحة أن الأمور ليست كما نظنها دائماً!. لقد أثبتت قطر للعالم خلال أحداث السنوات الماضية بأن الغرب يحتضر، وأن قضاياه الهشة التي يريد فرضها علينا بالقوة تمثل "دابة الأرض التي تأكل منسأته"، وحتى مع شراسة الهجوم والتشويه، برزت أصوات منصفة من الغرب أنفسهم وعلى مستويات مختلفة أيدت قطر فيما ذهبت إليه وأكدت أن البطولة استثنائية تسودها أجواء المودة، وأصبحت الملاعب "صديقة للعوائل" بعد أن كانت حكراً "تقريباً" على "مثيري الشغب والفوضى" ولسان حالهم يقول "شارب الخمر يصحو بعد سكرته.. وشارب الحب طول العمر سكرانا". كان التحدي كبيراً وصمود قطر آتى أُكله، وقدم دليلاً لدول المنطقة بالقدرة على رفض الابتزاز بطرق ذكية، وهو ما يمثل فرصة سانحة للدول العربية والإسلامية لاغتنامها، ورفض ملفات الابتزاز كالمثلية وغيرها وإعداد العدة والتعاون لفرض ما نراه نحن دون أن نسمح للآخر بفرض قيمه علينا، وأن نرغمه على احترام مبادئنا، فبجانب الدرس القطري هناك دروس متفرقة هنا وهناك أثبتت قدرتنا على ذلك ليس آخرها استجابة موقع "يوتيوب" الشهير، لمطالب السعودية بحذف الإعلانات التي تتعارض مع "القيم والمبادئ الإسلامية"، بجانب التحذيرات الخليجية لمنصة "نتفليكس" حول المواد المتعلقة بالسلوك الجنسي الشاذ وتهديدها باتخاذ إجراءات قانونية ضدها. كل ما سبق يمثل نقطة انطلاق لبلورة تحالف واضح المعالم تجاه ما يعتري واقعنا من هجوم لا يخفى على أحد "حتى أكثر الرافضين لنظرية المؤامرة"، بأنه ممنهج ومدعوم بشكل يفوق التصور، ومدروس بدقة، وامام ذلك لا ينبغي لنا الوقوف كمتفرجين مكتوفي الأيدي، لابد لدولنا أن تخلق قنوات تواصل وحوار لبلورة تحالف "ولو بحذر" ضد أهداف "بافوميت" وأتباعه، وليكن أولها الانسحاب بشكل جماعي من اتفاقية "السيداو" الجاثمة على صدورنا وعدم الاكتفاء بالتحفظ، كما فعلت تركيا بانسحابها من اتفاقية المجلس الأوروبي المعنية بوقف العنف ضد المرأة والعنف الأسري ومكافحتهما، والتي وصفت الاتفاقية على لسان مسئولين أتراك بأنها "اضرت بالنسيج الاجتماعي التركي"، ودون أن يكون لنا موقف، ودون أن يمثل لنا ما حصل مع قطر عبرة، ستتكرر المساومات ومحاولات الابتزاز، وستكشف القارة العجوز عن وجهها الحقيقي بعيداً عن التحضر متبعة سياسة أطفال الحارة "لعبوني معاكم ولا بخرب". خارج السياق تغيير الصورة الرمزية جاء بسبب انتقادات وجهها أحد الزملاء الأفاضل متهماً إياي بالـ"غش" وذلك بعد أن مر قطار الزمن سريعاً دون أن ألحظ واشتعل الرأس شيباً وخلف وراءه آثار الدهر التي لا يصلحها العطّار.