12 سبتمبر 2025

تسجيل

مراجعة إستراتيجيات التثقيف الصحي أمر مهم

16 نوفمبر 2023

كنت في زيارة لمستشفى الرعاية اليومية التابع لمؤسسة حمد الطبية منذ فترة وجيزة.. الناس تتحرك يمنة ويسرة كل في همه ومواعيده وهواجسه، بين الزحام رأيت آنسة أنيقة تجلس وحيدة في هدوء وأمامها طاولة وضع عليها بعض المطبوعات وكانت تقريبا تجلس أمام المدخل، فدنوت منها لأستطلع ماذا تقدمه من خدمة فعرفت انها مثقفة صحية. وبحكم التخصص وعملي في هذا المجال كمسؤول يوما ما أحببت أن أشجعها وأرفع من معنوياتها لأن أحدا لم يقف امامها وسألها أي سؤال أو معلومة حول صحة الأسنان موضوع التثقيف. فما أن سألتها حتى بدأت تشرح وتجيب بكل نشاط وذهن حاضر واحترافية جميلة. وأعطتني بعض المطبوعات الورقية البسيطة لمزيد من الشرح. سألت نفسي هل من المعقول أن يصل بنا الحال أن نرجع للزمن الماضي وكأننا في قرية فقيرة نائية وتسمية طاولة في مكان عام وبعض المطبوعات البسيطة تثقيفا صحيا ونحن في عصر الرقمنة ؟! والأدهى أن المطبوعات تحمل شعارات لكافة المؤسسات الصحية الرسمية وشعارين لجهات في القطاع الخاص كرعاة للحملة لقيمة الورق وكأن الجهات الصحية التي تحظى بميزانيات ضخمة لا تملك المال لطباعة كم مطبوعة فتلجأ للقطاع الخاص!. مهم جدا احترام المؤسسات الصحية لنفسها وسمعتها وإمكانياتها واحترام المجتمع الذي تخدمه عند توصيل المعلومات الصحية له فيجب أن يكون وفق النظريات والأساليب والإمكانيات الحديثة فالزمن عفا على موضوع طاولة وكرسي في أحد الطرقات وتُحسب أنها تثقيف أو إعلام صحي! المهم والاحتراف أن نصل بالرسالة لكل أفراد المجتمع أينما كانوا وليس انتظارهم المرور على الطاولة. أين الأمانة هنا؟ أين الحرفية هنا؟ فالتثقيف الصحي لا يقل أهمية عن العلاجات والخدمات الصحية الأخرى فإنه توعية لأسلوب حياة خالية من الأمراض والعلل وفي هذا توفير الملايين من الريالات على الدولة عندما يكون المجتمع مكونا من الأصحاء وهذا هو المقصد والهدف منه وليس الموضوع تحصيل حاصل. وعليه يجب الاهتمام بفرق العمل واختيار المختصين في إدارة الحملات وليس توظيف أي شخص لا علم له ولا خبرة، وهي وظيفة والسلام، وكذلك من الأهمية توفير الميزانيات المناسبة للحملات التثقيفية شأنها شأن أي خدمة أو نشاط صحي أو طبي والكف عن الجري وراء الشركات لأقل فعالية لدفع مبالغ لا تُذكر، فهذا والله عيب في حق المؤسسات الصحية نفسها والوطن. وكلي أمل أن تراجع المؤسسات الصحية الحكومية خاصة في قطر حساباتها وأساليبها وإستراتيجياتها في موضوع التثقيف والإعلام الصحي لان الوضع الحالي بدائي جداً ومخز ولا يليق بالزمن ولا بسمعة الوطن. يجب الاهتمام بموضوع التثقيف الصحي الرسمي بكل جدية ولا يترك الأمر إلى مشاركات العامة في وسائل التواصل الاجتماعي التي أغرقت الناس بالمعلومات الخاطئة والاجتهادات المضللة.