13 سبتمبر 2025

تسجيل

البداية.. من قطر

16 نوفمبر 2022

كسرت دولة قطر احتكار استضافة بطولة كأس العالم من "النادي التقليدي" لاستضافتها على مدى تاريخ هذه البطولة، وفتحت الباب على مصراعيه أمام من يرغب من الدول العربية خاصة، وبلدان من توصف بالعالم الثالث عامة، للمنافسة على استضافة هذه البطولة الكروية العالمية، والأكثر شعبية من بين سائر الرياضات الأخرى، ومن ثم فإن المنافسة لنيل شرف استضافتها ليست بالأمر السهل. فمنذ العام 1930، وهو أول عام لانعقاد بطولة كأس العالم في "الأوروجواي"، لم تتقدم دولة عربية واحدة للمنافسة على استضافة هذه البطولة، وبعد 21 نسخة من منافسات كأس العالم، تفوز دولة قطر باستضافة هذا الحدث الكروي العالمي لتكون بذلك الدولة العربية الأولى التي تحظى بشرف استضافته، والدولة الثالثة في قارة آسيا بعد كوريا الجنوبية واليابان اللتين استضافتا هذه البطولة في العام 2002، وبذا تكون قطر قد مهدت الطريق أمام الدول العربية التي ترغب في التقدم للمنافسة على استضافة مونديال كأس العالم، ومن يسير على الطريق المعبد، ليس كمن سار عليه وهو مليء بالأحجار، ومحفوف بالمخاطر والمطبات! أما ما يستحق التوقف أمامه فهو أسباب الحملات المنتظمة – وربما الممولة - الموجهة ضد دولة قطر على مدى ما يقرب من 12 عاما، وبالتحديد منذ شهر ديسمبر من العام 2010 بعد إعلان فوزها بأحقية استضافة بطولة كأس العالم 2022، ودلالة هذه الحملات، وما الدروس التي يمكن استخلاصها مما حدث، ولا يزال، وربما يستمر حتى بعد انتهاء منافسات هذه البطولة. أول الاستنتاجات التي يمكن للمتابع رصدها هو أن هناك نظرة فوقية من الدول التي توصف بدول الشمال إلى الدول الواقعة في الجنوب، وخاصة حين يتعلق الأمر بالدول العربية، ومن توصف ببلدان العالم الثالث. ومن هذه النظرة الفوقية، تستكثر هذه الدول فوز دولة عربية مسلمة، صغيرة المساحة بشرف استضافة أكبر عرس كروي عالمي، وهو بطولة كأس العالم، ويحضر التنميط والقولبة التي تصنف ضمنها مجموع الدول العربية من منظور الإعلام الغربي، والذي يستدعي إرثا من التنميط المعلب يعود إلى عصر الاستشراق، ويكررها على نحو مقصود كلما تعلق الأمر بدولة عربية، ويضيف إليها عددا من المستجدات على الساحة العالمية التي لا يصعب تناولها من خلال التركيز على زاوية محددة، أو ما يعرف بلغة الإعلام بالأطر الإعلامية. ومن ناحية أخرى، فإن ما يوصف بـ "دول الشمال"، يبدو أنها لا تزال متوقفة عند حقبة تاريخية معينة، وغير مستوعبة للمتغيرات التي تأخذ مكانها على الساحة العالمية عاما تلو الآخر، ويتولد عنها لاعبون جدد على الساحة الدولية، لا بد من أخذهم بعين الاعتبار، والإقرار بحقهم في المنافسة على كافة المستويات. أما الملاحظة الثانية التي يمكن استنتاجها –أيضا - مما حدث، فهي ما يمكن وصفه بخلق حالة من "الرُّهَاب الإعلامي"، من خلال بث الرعب في نفوس عدد من الدول العربية التي ترغب بالتأكيد في الفوز مستقبلا بشرف استضافة مونديال كأس العالم على أرضها، ولكنها ربما تعيد حسابتها اليوم مرة ومرات، وهي تشاهد حملات التشويه والابتزاز الموجهة ضد دولة قطر، ولعلها تحدث نفسها بأنها في غني عن خوض هكذا مغامرة ستفتح عليها – بالتأكيد - أبوابا هي في غنى عنها، فدرء مضار استضافة كأس العالم، أولى من جلب منافعه..، وهو ما لا نرجو حصوله، لأنه – إن حدث - سيعني نجاح الإعلام الموجه، والحملات الإعلامية المغرضة في خلق حالة من الرُّهَاب الإعلامي، فلا يبدو أن قطر لوحدها هي المقصودة بهذه الحملات المنتظمة والمكثفة، وإنما كل من يفكر من الدول العربية في منافسة نادي الدول التقليدية لاستضافة بطولة كأس العالم، وفي مقدمتها الدول الأوروبية التي استأثرت بأكبر عدد من استضافات هذه البطولة. ليس أمام الدولة العربية على وجه الخصوص غير خوض غمار المنافسة لاستضافة بطولة كأس العالم، وتجييش وسائلها الإعلامية لمؤازرة بعضها بعضا في هذا المضمار، فالشعبية التي تحظى بها هذه البطولة في مختلف أنحاء العالم، والإقبال الجماهيري الكبير على مشاهدتها، والذي من المتوقع أن يصل هذا العام إلى حوالي 5 مليارات مشاهد؛ وفقا لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" (FIFA) جياني إنفانتينو، يجعل من هذه البطولة العالمية فرصة لتحسين الصور الذهنية عن البلدان العربية، وتغيير الصور النمطية المرسومة عنها وعن أهلها في الذهنية الغربية، ناهيك عن عائداتها السياسية، ومنافعها الاقتصادية والاجتماعية، وغيرها من المنافع الأخرى، وهي التي تدفع الدول الكبرى إلى ممارسة نوع من احتكار استضافة مونديال كأس العالم، ومحاربة المنافسين لهذا الاحتكار، ويبرز الإعلام كأقوى سلاح يتم توظيفه في هذا المجال. قسم الإعلام- جامعة قطر