21 سبتمبر 2025

تسجيل

النظام السوري والدخول في المرحلة الحرجة

16 نوفمبر 2011

يعيش النظام السوري حالة من الصدمة بعد قرار الجامعة العربية..هذا ما كشفت عنه حالة الهستيريا والجنون التي يتصرف أزلامه وأبواقه وفقها بدءا من بذاءات مندوبه لدى الجامعة التي وجهها لرئيس اللجنة الوزارية العربية وللأمين العام للجامعة العربية، ومرورا بتصعيد قتل المتظاهرين السلميين في الشوارع وليس انتهاء باقتحام السفارات والممثليات والبعثات الدبلوماسية السعودية والقطرية والتركية والفرنسية، مع توقع بمزيد من ارتفاع وتيرة هيجان النظام وممارساته الحمقاء خلال الفترة القادمة. سبب هذه الهستيريا هي شعوره لأول مرة بأن الأنظمة العربية والدولية بدأت بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية تجاه الشعب السوري بصورة جدية، بسبب ما أوكلته يداه، بعد أن صبر النظام العربي والدولي على جرائمه طيلة ثمانية أشهر وهو يشاهد حجم الدموية والقتل بحق المدنيين العزل، وعلى دعايته الإعلامية وروايته المضللة التي تقلب الحق إلى باطل ويراد منه أن يصدقها، رغم قيام النظام بمنع دخول المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام العربية والدولية طيلة هذه المدة، حتى لا تنكشف فضائحه وفظاعاته، واستخفافه بكل الفرص والنصائح التي منحت له ووجهت إليه والتعامل معها باستعلاء واستخفاف ومراوغة وآخرها مبادرة الجامعة العربية التي لم ينفذ منها بند واحد كوقف العنف وسحب المعدات والمظاهر العسكرية، فضلا عن أن وعوده بالإصلاح لشعبه بقيت حبرا على ورق، وقولا لا فعلا. كما أن النظام لم يكن يتوقع ـ على ما يبدو ـ صدور مثل هذه القرارات عن الجامعة بهذه السرعة وبهذه القوة، أو ربما كان يتوقع بأن تؤخذ تهديداته وتهديدات حلفائه من الأحزاب والدول محمل الجد عربيا ودوليا، فلا تتم محاسبته أو معاقبته أو الأخذ على يد آلته القمعية التي صارت وصمة عار في وجه الأمتين العربية والإسلامية والعالم الحر لكثرة ما حصدت من أرواح بريئة وسفكت من دماء غالية. أكثر من ذلك فإن قرارات الجامعة الأخيرة تعتبر منعطفا مهما في مسيرة الدولة السورية لأنها بدأت تضيق الخناق على النظام الذي ظن ـ لحين من الزمن ـ أنه وفق المحاسبة، وأن ثمة إجراءات قادمة في الطريق سترفع الغطاء عنه عربيا ودوليا وتعترف بالمعارضة كبديل عنه وتدعم نضالها في التغيير، لذا فإن هذه الحالة تصيب النظام وأركانه بالقلق الكبير لأنها تعد مؤشرا قويا على بداية زواله ولعل من أهم الانعكاسات المنتظرة لقرارات الجامعة ـ ما ظهر منها وما سيظهر ـ ما يلي: ـ ازدياد عزلة النظام السوري عربيا ودوليا بعد أن وافقت الغالبية الساحقة للدول العربية على قرارات الجامعة ودعمتها جهات دولية عدة فورا، مع توقع بسحب عدد من الدول لسفرائها أو تخفيف بعثاتها الدبلوماسية قريبا، وتحذير دول ـ كتركيا ـ لرعاياها من الذهاب إلى سوريا. ـ التوجه لزيادة الاعتراف العربي والدولي بالمجلس الوطني السوري، وينتظر أن يسبق ذلك توحيد صفوف المعارضة، وتحديدا (المجلس الوطني وهيئة التنسيق الوطني)، ولعل كان لافتا قيام وزير الخارجية التركي ـ الأحد الماضي ـ باستقبال وفد المجلس الوطني السوري لأول مرة بصورة علنية وتناقل وسائل الإعلام لذلك، ويعتبر ذلك ثمرة لقرار الجامعة بدعوة المعارضة للاجتماع من أجل الاتفاق على رؤية محددة للمرحلة الانتقالية المقبلة، وخلال ثلاثة أيام. ـ ارتفاع احتمالات إقامة تركيا لمنطقة عازلة ضمن الأراضي السورية (مجاورة لحلب أو جسر الشغور) وهو ما من شأنه خلق ملاذ آمن للفارين من بطش النظام من المدنيين، لاسيَّما مناطق الشمال السوري، والأهم من ذلك هو تقوية موقف "الجيش السوري الحر" وارتفاع عدد من سيلتحقون به ودعم حراكه، إذ سيزيد من انشقاق الضباط والجنود عن الجيش النظامي والتمرد على أوامره لقمع المحتجين، ويكون ملجأ للجيش الحر وكفّ يد النظام عنه. ـ الحماية الدولية للمدنيين السوريين، فبعد يوم من إعلان قراراتها دعا الأمين العام للجامعة العربية إلى فرض حماية دولية للمدنيين في سورية، معللا ذلك بعدم تمتع الجامعة بالإمكانات الكافية للقيام بذلك وحدها، وذكر تحديدا أنه: "ليس من الخطأ أن نذهب إلى مجلس الأمن الدولي، فهو المنظمة الوحيدة القادرة على فرض مثل هذه الإجراءات". ـ ظهور توافق وتناغم تركي عربي فيما يخص التعامل المستقبلي مع سوريا، وهو ما يفسر حضور الجانب التركي لاجتماعات الجامعة العربية القادمة (يوم 16 / من الشهر الجاري)، ما سيكون له انعكاساته المهمة في دعم أي تغيير قادم في سوريا بشكل مباشر وغير مباشر، بحكم الثقل الإقليمي لأنقرة ومجاورتها لسوريا. يمكن القول إن النظام السوري دخل بالفعل في الدائرة الحرجة اعتبارا من 13/ نوفمبر الجاري، وهو ما يفرض عليه هذه المرة سرعة الاستجابة للاستحقاقات التي يطالب بها شعبه بعد أن حظيت بتأييد عربي ودولي، والقبول بالرحيل لإفساح المجال لعهد جديد (دون لف أو دوران)، أما السير في الاتجاه المعاكس فلن يحصد من ورائه سوى الخيبة والخسران وشر المآل، والعاقل ـ وإن كنا نستبعد لما نعرفه عن عقلية هذا النظام ـ من اتعظ بغيره.